وإن بلغ ما بلغ من العلوّ والرفعة فهو دون ثرى نعال معاوية وأصحابه الدعاة إلى النار ، وهل هناك كفر أعظم من هذا الكفر ، فالآلوسي وجدّه إما أن يقولا بعدم التوقف في الحكم على القاسطين بالبغي وأنهم دعاة إلى النار ، أو يقولا بوجوب التوقف كما يقتضيه صيغة الأمر من كلمة ( قف ) في كلامه وإلاّ كان دون ثرى نعال أولئك البغاة الدعاة إلى النار؟
فإن قال بالأول بطل قوله : إن الحاكم عليهم بالبغي والضلال دون ثرى نعال أولئك ، وإن قال بالثاني فقد صار إلى أمر عظيم ، وهو الحكم على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنه دون ثرى نعال أولئك ؛ لأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم هو الّذي حكم ببغيهم وضلالهم ، وأنهم من الدعاة إلى النّار ، وهو الكفر بعينه ، وكان الأولى بالآلوسي ألاّ يتعرض للشيعة بشيء لئلاّ يتضح للملإ المثقف الحر ـ إن وجدناهم ـ عواره وفساد استدلاله ، وأنه يبرهن بكلامه على إطفاء شعلة ذهنه وسبات عقله : ( وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ ) [ الرعد : ٣٣ ].
فالشيعة تقول كما يقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إن الفئة الباغية وسائر الطوائف العاثية في الأرض الفساد التي خرجت على عليّ عليهالسلام زمان خلافته عليهالسلام وتحزّبت وشايعت وبايعت على قتاله كلّهم بغاة ودعاة إلى النّار ، وكلّهم داخلون في قوله تعالى : ( وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ وَأَتْبَعْناهُمْ فِي هذِهِ الدُّنْيا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ ) [ القصص : ٤١ ].
فإذا كان حكم الشيعة على الفئات المقاتلة عليّا عليهالسلام بالبغي ، والضلال ودخول النار يعدّ ذنبا يؤاخذون عليه فالمسئول عنه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سيّد الأنبياء صلىاللهعليهوآلهوسلم فالأولى بالآلوسي أن يؤاخذ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في حكمه عليهم بذلك قبل أن يؤاخذ الشيعة في حكمهم ؛ لأن للشيعة برسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الأسوة الحسنة.
ثم نقول للآلوسي : إن قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في عليّ عليهالسلام : ( إنه إمام البررة قاتل الفجرة ) يفيد أن الفئة المقاتلة عليّا عليهالسلام كلّهم فجرة وليس فيهم