علمنا وجوب التمسك بهم مطلقا من ظاهر إطلاق الأمر علمنا أنهم معصومون عليهمالسلام وحسبنا من السنّة هذا القدر لأنّا لو أردنا استقصاء ما جاء من الأحاديث في عصمتهم عليهمالسلام لضاق به الكتاب.
أما العقل فتقريره من وجوه.
الأول : إنّ الحاجة لنصب الإمام بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إنما هو جواز الخطأ من الأمة ، لأن غير المعصوم مطلقا قد يخطئ فيحصل بسبب ذلك الجهل والضلال في كثير من الأحكام المتعلقة بأمور الدين والدنيا ، فلو جاز الخطأ على الإمام أيضا لاحتاج إلى إمام آخر فيتسلسل أو يدور وهما محالان عقلا ، فلا بد أن ينتهي إلى إمام لا يجوز عليه الخطأ وهو الإمام في الأصل.
الثاني : إن الأئمة حافظون للشريعة وقوامون بها ، فيجب أن يكونوا معصومين لأن غير المعصوم يخطئ فيؤدّي خطأه إلى عدم إقامتها على الوجه الّذي أمر الله به ، كما أن الاجتهاد يخطأ فيؤدي إلى إضاعتها لا حفظها ورعايتها ، ومن حيث أن حفظها واجب فالعصمة أيضا واجبة ، وليس في الأمة من يدّعي العصمة لغير العترة من آل النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فوجب أن يكونوا هم الأئمة المعصومين عليهمالسلام لا سواهم.
الثالث : لو كان الإمام يخطأ لوجب الإنكار عليه ، وهو مناف لأمر الطاعة في قوله تعالى : ( وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ) [ النساء : ٥٩ ] وقد تقدم أن تخصيص الآية بغير المعصية غير ممكن ؛ وذلك لأن المعصية لا تعرف إلاّ من طريقه ، فلو فعل شيئا أو أمر به وجبت إطاعته سواء أكان ذلك في الواقع واجبا أو حراما ، أما الأول فواضح ، وأما الثاني فلدلالة الأمر على الوجوب اللازم إطاعته فيه ، واللاّزم باطل فتجب عصمته مع أن الآية صريحة في الإطلاق وآبية عن التخصيص ، على أنه موجب للتفكيك بين المتعاطفات من غير دليل وهو باطل ، كما أن الإمام لو عصى لانحطّت بذلك درجته فيكون أقل درجة من العوام ، لأن عقله أقوى ومعرفته بالله أكثر وعقابه أعظم وهذا باطل لا يجوز على الإمام مطلقا.