وأما قوله : « وإن كانت من العرض المفارق فلأن عروضها إما لذات الفعل أو لصفة أخرى لها لا سبيل إلى الثاني وكذا الأول لبطلان قيام العرض بالعرض ».
فيقال فيه : نحن نختار العروض لذات الفعل فإن كانت مقتضية لحسنه حكم العقل بحسنه وإن اقتضت قبحه حكم بقبحه.
وأما قوله : ( وكذا الأول لبطلان قيام العرض بالعرض ).
فنقول فيه : أولا : إن ذلك كلّه وارد على ما اعترف به من حكمه بهما بمعنى كمال الشيء ونقصه كصفة العلم والجهل ، وبمعنى ملائمة الطبع كصفة العدل والظلم.
ثانيا : نحن لا نشك في أن الآلوسي يكتب بغير عقل ويفقه بغير قلب فيملي هذيانه لا عن شعور ولا دراية على مسامع ( محبّ الدين ) الخطيب صاحب مجلّة ( الأزهر ) الذي قام أخيرا بتجديد طبع هذا الكتاب الّذي كلّه جهل وتناقض وضلال فكشف عن سوءة مؤلفه فبان للناس فحمة ذاته.
فإنك تراه يقول : ( فلأن عروضها إما لذات الفعل أو لصفة أخرى لها ) ثم بعد هذا يقول ( لا سبيل إلى الثاني لبطلان التسلسل ) فكان من اللاّزم عليه أن يبيّن لنا الوجه في هذا التسلسل المزعوم ، لو كان يريد به توقف تلك الصّفة على صفة أخرى وهكذا فإن بطلانه واضح ، فإن لحوق صفة الصّدق مثلا للذات لا يتوقف على صفة أخرى حتى يترامى في الوجود إلى ما لا نهاية له من الصّفات لكي يلزم التسلسل على حدّ زعمه ، ولو صح لكان واردا على ما اعترف بصحته بالمعنيّين المتقدمين فما يكون جوابه هناك يكون هنا ، وإذا راعك منه هذا الخلط فانظر إلى قوله : ( وكذا الأول لبطلان قيام العرض بالعرض ) فإن قيام العرض بالعرض إنّما هو من لوازم قوله الثاني ، أعني قوله : ( أو لصفة أخرى لها ) إذ ليس في عروضها لذات الفعل الّذي هو عين قوله الأول من قيام العرض بالعرض حتّى يعلل بطلانه بقيام العرض بالعرض لعدم وجود عرض هاهنا ، وإنّما هو ذات الفعل قد عرضت عليه صفة أوجبت إما حسنه أو قبحه فأي عرض يا ترى في البين حتى يكون بعروض تلك الصّفة على الذات قائما بالعرض لا بالذات؟