المؤلف : هذه صورة ثانية من فلسفة الآلوسي المقتبسة من ذلك الهندي الّذي تخبّطه الشّيطان من المسّ ، فخلط الحابل بالنابل في فلسفته العوراء ونظريته الحمقاء التي ما توهمها وأهم ولا خطرت على ذهن فاهم فكيف بالآلوسي وأخيه الهندي.
أما قوله : « فلأن الاعتبارات أمر عدمي ».
فيقال فيه : أولا : بالنقض فيما اعترف به من حكم العقل بالحسن والقبح بمعنى النقص والكمال كالعلم والجهل ، وملائمة الطبع كالظلم والعدل ، فإنه يأتي عليه كلّ ما يأتي على ذاك لو صح شيء من ذلك فما يكون جوابه هناك يكون هنا ، وكلّ ما يقوله هو فنحن نقوله.
ثانيا : إنّ الأمور الاعتبارية ليست عدمية وإنّما هي أمور وجودية بالإضافة إلى الذات ، فإن زيدا مثلا باعتبار صدقه يكون حسنا وعمرو باعتبار كذبه يكون قبيحا ، والمضاف إلى الوجودي وجودي ، فالاعتبارات منتزعة عن أمور وجودية نظير الرّقيّة والحريّة والفوقية والتحتيّة ونحوها من الأمور الاعتبارية المنتزعة عن الأمور الوجودية فهي ليست بأعدام كما توهمه الجهّال.
وأما قوله : « والحسن والقبح بالمعنى المتنازع فيه من الوجوديات » فيرد عليه بالنقض.
أولا : أن الحسن والقبح بمعنى النّقص والكمال وبمعنى ملائمة الطبع من الوجوديات ، فإن صح ورود هذا عليهما صح وروده عليه ووروده عليهما غير صحيح وباطل فذلك وروده عليه باطل وغير صحيح ، وكلّ ما يقوله فيهما نقوله فيه.
ثانيا : إنّ الشيء باعتبار عدم حسنه يكون قبيحا ، وباعتبار عدم قبحه يكون حسنا ، وعلى الأول باعتبار عدم حسنه يكون مذموما ، وعلى الثاني باعتبار عدم قبحه يكون ممدوحا ، فالحسن والقبح بالمعنى المتنازع فيه أيضا أمور اعتبارية