الحج غير منسوخة ولا محرّمة فوجب أن يكون حكم متعة النساء أيضا غير منسوخ وغير محرّم.
سادسا : إن نكاح المتعة من الطيّبات المدلول عليها بقوله تعالى : ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ ) في قول عبد الله بن مسعود المتقدم ذكره ، وقد نهى الله تعالى عن تحريم طيّبات ما أحلّه للنّاس ومنها متعة النّساء ، فكيف يصح نسبة النهي إليه تعالى عنها إذ لا شيء بحرام طبعا ولا بمنسوخ من طيّبات ما أحلّه إطلاقا ، ومن ذلك تفقه أن متعة النّساء من الطيّبات الثابتة بنصّ الكتاب والسنّة في حال السّعة وليست من الخبائث حتى يتوهم اختصاصها في حال الضرورة ، وابن مسعود هذا من أكابر علماء القرن الأول خير القرون عند أهل السنّة ، وهو أحد الأربعة الّذين أوجب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الرجوع إليهم في تعلّم القرآن ، فهذا البخاري يقول في صحيحه من جزئه الثاني في آخر ص : (٢٠١) في باب مناقب عبد الله بن مسعود ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( استقرءوا القرآن من أربعة ، من عبد الله بن مسعود ... ) الحديث.
وإن قال خصومنا : بأن المراد من قوله تعالى : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ ) فما انتفعتم وتلذذتم بالجماع من النّساء بالنكاح الشرعي الدائم.
فيقال لهم : أولا : إنّ حملها على إرادة الانتفاع والتلذذ بعد تسليمه لا يخرجها عن مسمّى النّكاح الصحيح الشرعي لبداهة صحة نكاح المتعة في صدر الإسلام ، وقد فعلها أهل القرون الثلاثة كما ألمعنا إليه.
ثانيا : إنّ عدم استنادهم في هذا الحمل على آية محكمة أو سنّة ثابتة مانع من صحة إرادته من الآية ، لا سيّما إذا لا حظنا أن صريح الأحاديث يريد منها نكاح المتعة المعمول به في عصر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فيجب النزول عندها والعمل بمنطوقها ومفهومها دونه.
ثالثا : إنّ لفظ الاستمتاع وإن وقع في الأصل على الانتفاع والتلذذ ولكن الشيء الّذي يجب أن يؤخذ بعين الإعتبار هو أن لفظ القرآن إذ احتمل أمرين ،