خرج فسأل المسلمين ، وإن أعياه ذلك جمع رءوس الناس وخيارهم واستشارهم ، فإن أجمع أمرهم على رأي قضى به ، وكان عمر يفعل ذلك.
ونحن نقول لو لم يجتمع رأيهم على شيء فما ذا تراه يصنع فهل يتوقف؟ وفي توقفه هضم الحقوق وتعطيل القوانين وفساد سوق المسلمين ، أو تراه يقول ويقولون برأيهم ما يشاؤون وشاء لهم الهوى وبه هدم الدين وتحليل حرامه وتحريم حلاله.
أرأيت كيف يجب أن نقول بعصمة الإمام وأنه يجب أن يكون عالما بجميع الأحكام لأن به تحفظ الشريعة ويصل به كلّ ذي حقّ في كتاب الله إليه حقّه ، لذا ترى إمام الشيعة عليّا عليهالسلام الّذي نعتقد أنه هو الخليفة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد تأخر عن بيعتهم ، فهذا البخاري يقول في آخر ص : (١٢٣) من صحيحه في باب فرض الخمس من جزئه الثاني ، وفي ص : (٣٨) من صحيحه في باب غزوة خيبر من جزئه الثالث : ( إن فاطمة ابنة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سألت أبا بكر بعد وفات رسول الله أن يقسّم لها ميراثها ما ترك رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مما أفاء الله عليه ، فقال لها أبو بكر : إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : لا نورّث ما تركناه صدقة ، فغضبت فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فهجرت أبا بكر ، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت ، وعاشت بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ستّة أشهر ، فلما توفيت دفنها زوجها عليّ ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر وصلّى عليها ، وكان لعليّ من الناس وجه حياة فاطمة فلما توفيت استنكر عليّ وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ، ولم يكن يبايع تلك الأشهر ).
وإنما أوردناه بطوله لتعلم ثمة تأخر عليّ عليهالسلام عن بيعتهم ، ويقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فيما أخرجه الحاكم في مستدركه ص : (١١٩) من جزئه الثالث ، والذهبي في تلخيصه وقد صححاه على شرط البخاري ومسلم : ( عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ ) وأخرج الحاكم أيضا في ص : (١٢٥) من مستدركه من جزئه الثالث عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : ( تكون بين الناس فرقة واختلاف ، فيكون هذا وأصحابه على الحقّ ـ وأشار إلى عليّ ـ ) وهو يفيد أن الحقّ في جانب عليّ عليهالسلام في جميع قضاياه ، لأن كلمة ( الحقّ ) اسم جنس قد دخله الألف واللام فهو يفيد العموم مطلقا عند علماء الأصول من المسلمين أجمعين.