الحاكم بهما ، وموسى لمّا لم يكن له نصيب من المعرفة بشيء من ذلك أخذ يكثر من خبطه وخلّطه في تأويل المعاني اللّغوية الواردة في الكتاب ، فزعم أنّ آية : ( وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً ) معارضة لآية : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَ ) وهي الأخرى مناقضة لآية : ( وَلْيَسْتَعْفِفِ ).
ولكن كان عليه قبل هذا الحكم أن يراجع اللّغة في فهم معنى ( النكاح والطول ) فإن الأول ورد على عدّة معان في لغة القرآن ، منها : المهر كما في آية ( وَلْيَسْتَعْفِفِ ) ومنها : العقد ، ومنها : الوطء ، إلى غير ذلك من معانيه.
والثاني : بمعنى السّعة والغنى والقدرة دون المهر ، كما توهمه ( شيخ الإسلام ) موسى ، ولعلّ الّذي أوقعه في هذا الخطأ ـ وما أكثر خطأه ـ توهمه الفاسد من أن لفظ النكاح إذا أطلق لا يتناول إلاّ العقد الدائم ، وهو غلط فاضح يكشف عن بطلانه قوله تعالى بعد ذكر المحرّمات من النّساء : ( وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ ) [ النساء : ٢٤ ] فإن الابتغاء يتناول من ابتغى المؤقت والمؤبد ، بل الأول أشبه بالمراد لتعليقه على مجرد الابتغاء ، والمؤبد لا يحلّ عند الخصم إلاّ بوليّ وشهود.
وأما اشتمال الآية على نفي الإحصان وأن الإحصان لا يكون إلاّ في الدائم عند الشيعة فباطل وغير صحيح.
أولا : لا دليل على أن الإحصان لا يكون إلاّ في العقد الدائم ، ولم تقل به الشيعة إطلاقا.
ثانيا : لو سلّمنا تنازلا فإن المراد بالإحصان في الآية التعفف لا الإحصان الّذي يثبت به الرجم ، ويعضده قوله تعالى بعدها : ( غَيْرَ مُسافِحِينَ ) فأين التعارض والتنافي بين الآيتين يا موسى.
وبعد أليس من حقنا أن نخاطبه بما خاطب به عبد الله بن عباس عبد الله بن الزبير حيث كان يرى حرمتها بقوله له : إنك لجلف جاف إنها ـ أي المتعة ـ كانت تفعل على عهد إمام المتقين ـ يعني رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ.