والأمارات الخارجيّة في كمال البعد عن مساقها ، بل عن ألفاظها ، وكيف يحتمل قوله : « المأمون على الدّين والدّنيا » (١) على كونه أمينا في مجرّد نقل الرّواية ولو كان فاسقا بجوارحه؟ بل ظاهرها المرتبة العليا من العدالة ؛ حيث إنّ ملكة العدالة كسائر الملكات قابلة للشّدة والضعف.
ومن هنا يدخل فيها التّفصيل (٢) ، ويقال : فلان أعدل من فلان. وقد ورد
__________________
(١) رجال الكشي : ج ٢ / ٨٥٨ برقم ١١١٢ ، عنه وسائل الشيعة : ج ٢٧ / ١٤٦ باب « وجوب الرجوع في القضاء والفتوى إلى رواة الحديث » ـ ح ٢٧.
(٢) قال المحقق الجليل الميرزا النائيني قدسسره :
« لا إشكال في انه يستفاد من المجموع اعتبار الخبر الموثوق به ، بل يستفاد من بعضها أن الإعتماد على خبر الثقة كان مفروغا عنه عند الصحابة مرتكزا في أذهانهم ولذلك ورد في كثير من الأخبار السؤال عن وثاقة الراوي بحيث يظهر منها ان الكبرى مسلّمة والسؤال كان عن الصغرى ». انظر فوائد الأصول : ج ٣ / ١٩٠
أقول : إنّما أوردنا كلام الميرزا هاهنا ـ مع انه لم يكن له مناسبة تامّة في المقام ـ لكي يعلم رأي الميرزا النائيني قدسسره بالنسبة إلى ما يستفاد من مجموع الأخبار الواردة في الباب.
* وقد أفاد المحقق العراقي أعلى الله مقامه الشريف هنا :
« إن الثقة في تلك الأخبار وإن كانت ظاهرة في العدالة بل أعلى درجتها ، ولكن يمكن دعوى عدم اعتبار وصف العدالة في الرّاوي في حجّيّة روايته وأن مدار الحجّيّة إنّما كان على حيث الوثوق في نقل الرواية بنحو يضعف فيه احتمال الكذب بحيث لا يعتني به العقلاء