زعم ـ حتّى يناقش : بمنع أخذ الحسّ في مفهوم الشّهادة بأنّه لا شبهة في كون استعمالها حقيقة في الشّهادة بالتّوحيد والرّسالة ونحوهما مع عدم كونها من الأمور الحسيّة ، مع أن الحكم ليس متعلّقا على لفظ الشّهادة في جميع أدلّة اعتبار خبر العدل في الموضوعات ، بل على لفظ البيّنة في بعضها.
نعم ، قد يستظهر من بعض أخبارها مثل قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إذا رأيت مثل هذا فاشهد وإلاّ فدع » (١) ـ اعتبار الحسّ واشتراطه في حجيّتها ، لكنّه أيضا لا يخلو عن مناقشة مذكورة في محلّها ، غير مختفية على المتأمّل ، فلا حاجة إلى الدّليل من الخارج بعد قصور دليل الاعتبار ، وكون الأصل المسلّم عندهم عدم اعتبار مشكوك الاعتبار.
نعم ، لو كان المعتبر في مقام نظر العادل وترجيحه ورأيه واعتقاده بحيث كان اعتبار خبره من حيث كونه طريقا إلى اعتقاده المعتبر بالفرض ولو كان من جهة كون اعتقاده أقرب إلى الواقع من اعتقاد من أمر بالرجوع إليه لم يكن معنى لاعتبار الحسّ أصلا ، كما في الفتوى.
والحاصل : أنّ الفرق ظاهر بين كون المعتبر إخبار العادل عن الواقع ـ من
__________________
(١) الحديث في الشرائع : ج ٤ / ١٣٢ ، عنه وسائل الشيعة : ج ٢٧ / ٣٤٢ باب « انه لا تجوز الشهادة إلاّ بعلم » ح ٣ وقد أورده الشيخ الطوسي في المبسوط : ج ٨ / ١٨٠ والمحقق قدسسره أخذه منه والحديث عامي لا أصل له في تراثنا أنظر المجموع : ج ٢٠ / ٢٦١ وكذا المغني لابن قدامة : ج ١٢ / ١٩ ، والشرح الكبير : ج ١٢ / ٧ ، وكشاف القناع : ج ٦ / ٥١٧ ، وجواهر العقود : ج ٢ / ٣٤٧ ، ونصب الراية : ج ٥ / ٨٢ ، وكنز العمّال : ج ٧ / ٢٣ حديث رقم : ١٧٧٨٢ ، وسبل الهدى والرّشاد : ج ٩ / ٢١٨ ـ إلى غير ذلك.