السيّد قدسسره والعملي الّذي ادّعاه الشيخ قدسسره فإنّ حاصله : أنّ مراد السيّد من الخبر المحفوف بالقرينة القطعيّة : هو المقرون بما يفيد الاطمئنان بصدق الرّاوي والوثوق به. ومراد الشّيخ من الخبر المجرّد ـ الّذي ادّعى إجماعهم على العمل به ـ : هو المجرّد عن القرائن الأربع ، مع اعترافه بدوران الحجيّة مدار الوثوق والاطمئنان بصدق الرّاوي. فلا نزاع بينهما حقيقة ، هذا.
ولكن قد يناقش فيما أفاده قدسسره : بأنّ تعريف العلم بما اقتضى سكون النّفس ، تعريف معروف له ، ذهب إليه الأكثرون ، منهم السيّد قدسسره في « الذّريعة » على ما حكي عنها (١) ، والشّيخ في « العدّة » (٢) ، ومرادهم منه كما هو ظاهر ليس ما يقابل التّحير والتّردّد ، حتّى يصدق على الوثوق والاطمئنان ، بل ما يقابل الاعتقاد الجزمي القابل للزّوال بتشكيك المشكّك ، أو قسم منه كالجزم الحاصل من التّقليد كما هو الظّاهر من كلامهم ، أو المرتبة العليا من الاعتقاد الجزمي الّذي يساوق الشّهود ، ألا ترى أنّ نبيّ الله إبراهيم عليهالسلام مع اعتقاده الجزمي بالمعاد والحشر وإيمانه العلمي به سأل ربّه جلّ جلاله إراءة إحياء الموتى لاطمئنان قلبه الشّريف الحاصل بالشّهود؟! ولا ينافي مقام نبوّته ومرتبة ولايته المطلقة ؛ لأنّ مراتب العلوم كثيرة متقاربة في النّظريات والضّروريات وغير ذلك متقاربة من حيث الظّهور ،
__________________
(١) الذريعة : ج ١ / ٢١.
(٢) عدة الاصول : ج ١ / ١٢.