يستكشف عن حكم العقل بحجيّة مطلق الظّن عند تماميّة مقدّمات الانسداد من إمضاء الشّارع له حسبما ستقف على تفصيل القول فيه.
ومراده قدسسره من قوله ـ في مقام التّعليل ـ : « لأنّ اللاّزم في باب الإطاعة والمعصية ... إلى آخره » (١) هو ما ذكرنا ؛ ضرورة أنّ المسألة ليست عرفيّة ، فالمراد من العرف هم العقلاء من حيث عنوان عقلهم ، نظير استدلالهم في مسألة اجتماع الأمر والنّهي ببناء العرف على الامتناع ، فكما قد يستدلّون ببناء العقلاء ـ ويكون المراد عنوان فهمهم وجهتهم العرفيّة ، كما تراهم يستدلّون كثيرا مّا ببناء العقلاء في باب الألفاظ كذلك قد يستدلّون ببناء العرف في المسائل العقليّة ، ويكون المراد جهة عقلهم ، ولا ضير في ذلك بعد وضوح المراد وقيام القرينة الجليّة عليه.
ثمّ إنّه ليس على المستدلّ بهذه الطّريقة في المقام إثبات عدم ردع الشّارع عن سلوك الطّريق المذكور ، بل عدم ثبوت الرّدع كاف في الحكم لسلوكه ؛ لما قد عرفت مرارا من عروض الأحكام العقليّة للأمور الوجدانيّة والعنوانات المعلومة عند العقل ، وامتناع عروضها للموضوعات النّفس الأمريّة الواقعيّة المجهولة عنده ، فالرّدع الواقعي ليس مانعا عنده حتّى يتوقّف حكمه على إثبات عدمه ، بل العلم به مانع عن حكمه ، كما علم به في أكثر الموضوعات الشّرعيّة ؛ حيث إنّه ثبت من الشرع أنّ لها طرقا مخصوصة غير مطلق خبر الثّقة. ومن هنا التزم من جانب
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٣٤٥.