الخصم بإثبات الرّدع بقوله : « فإن قلت : يكفي في ردعهم الآيات المتكاثرة والأخبار المتظافرة بل المتواترة ... إلى آخره » (١).
فإن قلت : المسلّم استقرار طريقة العقلاء وجريان سيرتهم على العمل بخبر الثّقة في أمور معاشهم ، ولا يلزم منه العمل به في أمور معادهم ، والفرق : أنّهم لو بنوا على عدم العمل بخبر الثّقة في أمور معاشهم لا ختلّ نظام أمورهم كما لا يخفى ؛ فالضّرورة دعتهم على العمل به في أمور المعاش ، فلا يقاس عليها أمور المعاد.
قلت : أوّلا : أنّا نرى استقرار طريقتهم على العمل به مع التّمكن من تحصيل العلم وفيما لا ضرورة هناك.
وثانيا : أنّ الضّرورة الدّاعية في أمور المعاش هي بعينها موجودة في أمور المعاد أيضا ؛ ضرورة أنّه لو بني على الاقتصار على الأدلّة العلميّة وترك العمل بخبر الثّقة في أمور المعاد ، لزم منه ما هو أشدّ من محذور ترك العمل به في أمور المعاش ، وهو طرح أكثر الأحكام المعلوم وجودها في الوقائع المجهولة المعبّر عنه في لسان جمع من أعلام المتأخّرين بالخروج عن الدّين.
فإن شئت قلت : الدّاعي على العمل به في أمور المعاش إن كان الانسداد الشّخصي ، فهو بعينه متحقّق بالنّسبة إلى أمور المعاد أيضا وإن كان الانسداد الأغلبي فهو أيضا موجود بالنّسبة إلى أمور المعاد ؛ ضرورة انسداد باب العلم
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ١ / ٣٤٦.