وهذا دليل على وجود العلم الإجمالي الأعمّ ، وإلاّ لم يبق علم بعد عزل تلك الطّائفة الخاصّة الّتي يحتمل انحصار المعلوم بالإجمال في الأخبار فيها لا ما يزيد عليه ولا ما ينقص عنه ؛ فإنّه على كلّ من الوجهين لا يدلّ على وجود العلمين كما هو واضح.
فمجرّد وجود العلم الإجمالي بالتّكاليف الكثيرة في مضامين الأخبار لا يكشف عن خروج سائر الأمارات عن أطراف العلم الإجمالي الكلّي العام ، وإلاّ أمكن اختصاص العلم في الأخبار بطائفة خاصّة منها كأخبار العدول مثلا وخروج غيره ، فإنّه لا ينبغي الإشكال في وجود العلم الإجمالي بالتّكاليف في مضامين أخبار العدول ، مضافا إلى العلم الإجمالي الموجود في مضامين تمام الأخبار فتدبّر.
فإذا فرض تعلّق العلم الإجمالي بمجموع الأمارات فلا بدّ من رعايته في مضامينها على ما عرفت ، غاية الأمر : كون الاحتياط في الأخبار أولى بالاهتمام من جهة العلم الإجمالي في مضامينها بالخصوص أيضا ولكن مجرّد كونها أولى بالاهتمام لا يمنع من الاحتياط في غيرها.
نعم ، يمكن أن يقال : إنّ الاحتياط على هذا الوجه الكلّي يوجب الحرج الشّديد ؛ إذ يجب أن يؤخذ حينئذ بكلّ ما يثبت التّكليف الإلزامي خبرا كان أو غيره ، لكنّه ـ مضافا إلى اقتضائه رعاية الاحتياط في خصوص الأخبار وإلقائه في غيرها كما سيجيء الكلام فيه ـ لا تعلّق له بدعوى اختصاص العلم الإجمالي بموارد الأخبار.