عندنا إلاّ ما دلّ على حجيّة مطلق الظّن.
قلت : المناقشة فيما ذكرنا واهية ؛ إذ إنعقاد الإجماع على وجوب الرّجوع إلى الكتاب والسّنة بالنّسبة إلى زماننا هذا وما قبله من الأمور الواضحة الجليّة بل ممّا يكاد يلحق بالضّروريّات الأوليّة ، وليس بناء الإيراد على إنكاره ؛ حيث إنّه غير قابل للمنع والمنازعة. ولذا نوقش فيه ؛ من جهة اختلاف المجمعين في المبنى فإنّ منهم من يقول به من جهة كونه من جزئيات ما يفيد الظّن لا الخصوصيّة فيهما فلا يقوم إجماع على اعتبار الظّن الحاصل منهما بخصوصيّة.
وفيه : أنّه بعد قيام الإجماع عليه لا عبرة بالخلاف المذكور فيما نحن بصدده ؛ إذ ليس المقصود دعوى الإجماع على وجوب الرّجوع إلى الكتاب والسّنة لخصوصيّة لهما ، بل المدّعى قيام الإجماع بالخصوص على وجوب الرّجوع إليهما لكون الظّن الحاصل منهما حجّة ثابتة بالخصوص ؛ إذ لا حاجة إذن في إثبات حجيّتهما إلى ملاحظة الدّليل العقلي المذكور بل هو ثابت بالإجماع القطعي. فيكون ظنّا ثابتا بالدّليل وليس نعني بالظّن الخاص إلاّ ما يكون حجيّته ثابتة بالخصوص ، لا ما يكون حجّة بحسب الواقع بملاحظة الخصوصيّة الحاصلة فيه لا من جهة عامة وهو واضح لا خفاء فيه. فإذا ثبت حجيّة الظّن الحاصل منهما في الجملة ووجوب العمل بهما وعدم سقوط ذلك عنده ، ولم يتعيّن عندنا طريق خاصّ في الاحتجاج بهما ، كان قضيّة حكم العقل حجيّة الظّن المتعلّق بهما مطلقا حسبما قرّرنا.