هذا. وستعرف شرح القول في ذلك منّا عن قريب.
نعم ، كلام الشّيخ قدسسره في « العدّة » لا يأبى عن ذلك ؛ فإنّه بعد ما اختار القول بالوقف من جهة العقل في مسألة الحظر والإباحة في الأشياء المشتملة على المنفعة الخالية عن أمارة المفسدة وفاقا لجماعة وشيخه (*) أبي عبد الله قال ما هذا لفظه :
« والّذي يدلّ على ذلك : أنّه قد ثبت في العقول أنّ الإقدام على ما لم يؤمن المكلّف كونه قبيحا ، مثل إقدامه على ما يعلم قبحه ، ألا ترى أنّ الإقدام على الإخبار بما لا يعلم صحّته ، يجري في القبح مجرى من أخبر مع علمه بأنّ خبره على خلاف ما أخبر به على حدّ واحد؟ وإذا ثبت ذلك وفقدنا الأدلّة على حسن هذه الأشياء قطعا ينبغي أن يجوز كونها قبيحة ، وإذا جوّزنا ذلك فيها قبح الإقدام عليها. فإن قيل : نحن نأمن قبحها ؛ لأنّها لو كانت قبيحة لم يكن إلاّ لكونها مفسدة ؛ لأنّه ليس لها جهة قبح يلزمها مثل الجهل ، والظّلم ، والكذب ، ولو كانت قبيحة للمفسدة وجب على القديم « تعالى » أن يعلّمنا ذلك وإلاّ قبح التّكليف ، فلمّا لم يعلّمنا ذلك علمنا حسنها عند ذلك ، وذلك يفيدنا الإباحة. قيل : لا يمنع أن يتعلّق المفسدة بإعلامنا جهة الفعل على التّفصيل فيقبح الإعلام ، ويكون المصلحة لنا في التّوقّف في ذلك والشّك وتجويز كلّ من الأمرين » (١). انتهى ما أردنا نقله من كلامه قدسسره.
__________________
(*) هو الشيخ محمّد بن محمّد المعروف بالمفيد وابن المعلّم المتوفى سنة ٤١٣ ه.
(١) عدّة الأصول : ج ٢ / ٧٤٢ بإختلاف يسير.