فليس في ترجيحه بمعنى العمل بمقتضاه طرحا للواقع أصلا. وهذا بخلاف العكس فإنّه لو عمل بمقتضى الظّن ، باختيار ترك ما يظنّ إباحته مثلا مع احتمال وجوبه لم يؤمن من مخالفة الواقع.
ومن هنا ربّما يناقش فيما أفاده قدسسره ـ في الإيراد على هذا الجواب بقوله : ( وفيه : أنّ المرجوح المطابق للاحتياط ... إلى آخره ) (١) ـ : بأنّ العمل بالمرجوح في الفرض وإن لم يكن طرحا للرّاجح ، إلاّ أنّ العمل بالرّاجح باختيار التّرك خلاف الاحتياط يقينا. وإن التزم في الفرض بعدم جواز اختيار التّرك كان هذا في معنى لزوم العمل بالمرجوح.
نعم ، لو كان المراد من ترجيح المرجوح الفتوى بمقتضى الوهم لا بعنوان الاحتياط لم يكن معنى للجواب المذكور في كلام المجيب فتدبّر.
(٢١٣) قوله قدسسره : ( وقد يجاب أيضا : بأنّ ذلك فرع ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٣٨٠ )
أقول : هذا الجواب معروف ذكره في « القوانين » وغيره والغرض منه : أنّ مرجع الوجه المذكور إلى أن نفس دوران الأمر بين الظّن والوهم يوجب في حكم العقل من حيث كون الظّن راجحا والوهم مرجوحا وجوب العمل بالظّن وحجيّته عند العقل ، فيرجع إلى كون اعتبار الظّن ذاتيا وهو فاسد ؛ إذ مع التمكّن من تحصيل العلم في المسألة يتعيّن تحصيل العلم فيها ، ومع العجز عنه يرجع إلى الأصول.
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ / ٣٨٠.