يكون شارحا لما أثبت الأحكام الدّينيّة من العمومات والإطلاقات ومفسّرا لها بالدّلالة اللّفظيّة وحاكيا عنه ومتفرعا عليه. وهذا معنى الحكومة والتّقدم الذاتي بحيث لا يلاحظ نسبة وترجيح بينهما أصلا. ومن هنا يقدّمونه عليه من غير ملاحظة مرجّح هذا كلّه بالنّسبة إلى غير المقام.
وأمّا بالنّسبة إليه فلا شبهة في ورود دليل نفي الجرح من وجهين :
أحدهما : كون مبنى وجوب الاحتياط عند العقل ومناطه احتمال العقاب ،
ومن المعلوم ضرورة ارتفاعه بإذن الشّارع ولو لم يكن مستفادا ممّا يكون حاكما على عمومات التّكاليف بل ولو لم يكن من الأدلّة الاجتهاديّة ، ومن هنا يكون الاستصحاب واردا على الاحتياط العقلي.
ثانيهما : كون النّافي للحرج في المقام العقل المستقلّ فلا محالة يكون واردا على ما يوجب الاحتياط ولو كان دليلا شرعيّا هذا.
وإن كان المراد الثّالث :
ففيه : أنّ الموجب للاحتياط في المقام حكم العقل من جهة لزوم دفع الضّرر المحتمل فيكون دليل نفي الجرح واردا عليه لا محالة فلا يكون قابلا لأن يقدّم عليه ويخصّصه ، مضافا إلى ما عرفت عن قريب ؛ من كون النّافي في المقام بملاحظة لزوم الاختلال من الاحتياط ، العقل المستقلّ. فكيف يحكم بتقديم الاحتياط عليه؟