نعم ، قاعدة نفي العسر والحرج في غير ما يوجب الاختلال ظنيّة مستفادة من عمومات الكتاب والسّنة القطعيّة على ما هو الصّواب عندنا وفاقا للمشهور وخلافا لبعض أفاضل المتأخّرين في « عوائده » (١) ، وغيره في غيره ؛ حيث زعما كون التّكليف العسريّ قبيحا عقلا وخلافا للّطف ، وأنّ ما في الشّرعيّات ممّا حكموا بكونه تكليفا عسريّا مثل الجهاد ونحوه لا يكون عسرا بعد ملاحظة ما أعدّ الشّارع له من الأجر والثّواب. ولتحقيق المقام وتوضيح فساد الزّعم المزبور مقام آخر.
فعلى ما ذكرنا تكون القاعدة في غير ما يوجب الاختلال ، قابلة للتّخصيص بما هو أخصّ منه ؛ مثل ما دلّ على وجوب الغسل على المريض المجنب عمدا (٢) على تقدير تماميّته سندا ودلالة ، وما دلّ على وجوب التّرتيب بين الفوائت لمن
__________________
(١) الفاضل النراقي في عوائد الأيّام العائدة : ١٩ / ١٩٦.
(٢) عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « سألته عن مجدور أصابته جنابة؟ قال : إن كان أجنب هو فليغتسل وإن كان إحتلم فليتيمّم » ، انظر الكافي : ج ٣ / ٦٨ باب « الكسير والمجدور ومن به الجراحات وتصيبهم الجنابة » ـ ح ٣ ، والفقيه : ج ١ / ١٠٧ ـ ح ٢٢٠ ، والإستبصار عن الكافي : ج ١ / ١٦٢ باب « الجنب إذا تيمّم وصلى هل تجب عليه الإعادة أم لا؟ » ـ ح ٧ ، عنه أيضا التهذيب : ج ١ / ١٩٨ باب « التيمّم وأحكامه » ـ ح ٤٨ ، عنها الوسائل : ج ٣ / ٣٧٣ باب « وجوب تحمّل المشقّة الشديدة في الغسل لمن تعمّد الجنابة دون من احتلم وعدم جواز التيمم للمتعمّد حينئذ » ـ ح ١.