مستقلاّ وشرطا في صحّة العبادة من غير أن يكون المعرفة مقدّمة لقصد الوجه كما ربّما يتراءى من العبارة في النّظرة الأولى.
ثانيهما : كون المعرفة مقدّمة للقصد من غير أن يكون شرطا مستقلاّ في العبادة ، ولعلّه الظّاهر بعد ملاحظة عدم القول باعتبارها على الوجه الأوّل ، وإن قيل باعتبار الأوّل دون الثّاني ، أو الثّاني دون الأوّل ، إلاّ من باب المقدّمة العقليّة ؛ حيث إنّ القصد إلى عنوان الفعل يتوقّف عقلا على معرفته.
ثمّ إنّا قد أشرنا ـ عند البحث عن حكم العلم الإجمالي وكون الاحتياط طريقا مع التّمكّن من تحصيل الظّن المعتبر ـ إلى ما زعمه المتكلّمون وجمع من الفقهاء وجها لاعتبار معرفة الوجه ، أو قصده في تحقّق الإطاعة وإلى فساده ونشير هنا أيضا على سبيل الإجمال والاختصار طلبا لمزيد البصيرة وتنبيها لبعض ما طوينا ذكره هناك ، فنقول :
إنّ المستفاد من كلماتهم في وجه ما ذهبوا إليه : هو أنّ الفعل إنما يجب شرعا من حيث كونه معنونا بعنوان منطبق عليه لا بعنوانه الأوّلي وباعتبار كونه فعلا وإلاّ لوجب كلّ فعل شرعا ، فالأمر المتعلّق بالأفعال حقيقة معلول للعنوان المذكور المشتمل على المصلحة الملزمة.
فإذا أتى بالفعل بعنوانه ؛ إمّا يقصد نفس العنوان أو يقصد ما يكون حاكيا عنه ومشيرا إليه ومعلولا عنه كان ترتّب العنوان على الفعل وتحقّقه اختياريّا فتحصل الإطاعة وامتثال الأمر فيترتّب جميع ما هو آثار الامتثال عقلا وشرعا.