لكنّك عرفت : التّأمل في ذلك هناك ، وأنّ مرجع الشّك إن كان إلى الشّك في حصول الإطاعة في حكم العقلاء عند إلقاء خصوصيّة من الخصوصيّات يلزم في حكم العقل الإتيان على وجه يحصل مع العلم بحصول الإطاعة وإن كان إلى الشّك في اعتبار خصوصيّة زائدة عند الشّارع مع الجزم بحصول الإطاعة عند العقلاء بدونها ، فلا يسلّم حكم العقل بلزوم الإتيان بالخصوصيّة بل مبنيّ على القول بالاشتغال في ماهيّة العبادة المردّدة بل يمكن المصير إلى البراءة في أمثال المقام ، ولو قلنا بالاشتغال في ماهيّات العبادات المردّدة ؛ من حيث أنّ الرّافع لحكم العقل هو العلم بمنع الشّارع ولا يكفي مجرّد احتمال المنع على ما عرفت في طيّ كلماتنا السّابقة وستعرفه فيما يتلى عليك بعد هذا إن شاء الله تعالى.
ثمّ إنّ الوجه فيما أفاده قدسسره من الفرق ـ على تقدير تسليم وجوب المعرفة في الجملة ـ بين التّمكن من المعرفة العلميّة والتّمكن من المعرفة الظّنيّة على ما ذكروه من اعتبار الجزم بالنّية ، ظاهر ؛ حيث إنّه لا جزم بالمنوي في صورة الظّن ، فكيف يتمكّن من جعله على سبيل الجزم داعيا؟
ولو اكتفي باحتماله لم يفرّق بين الإطاعة الظّنية والاحتماليّة الحاصلة عند الاحتياط بل لم يفرّق بين صورتي اعتبار الظّن وعدمه ؛ ضرورة أنّ حجيّة الظّن لا توجب القطع بوجود المظنون ، وإلاّ خرج عن كونه ظنّا ، فالدّاعي بالنّسبة إلى الأمر الواقعي عند عدم العلم بالواقع هو احتمال وجوده المشترك بين صور الظّن والشّك والوهم.