نعم ، قطعيّة اعتباره يوجب القطع بالحكم الظّاهري ولا تعلّق له بالأمر الواقعي العبادي الّذي يجب معرفته نفسا أو مقدّمة لقصد الوجه في العبادات ؛ ضرورة كون الأمر المتعلّق بالطّريق توصّليا إرشاديّا دائما ولا يوجب قصده قصد الواقع ولا يغني عنه أصلا. مع أنّه على تقدير كونه تعبّديّا لم ينفع قصده عن قصد الواقع. وأدلّة وجوب الأخذ بالطّريق وتنزيله منزلة الواقع إنّما تجدي بالنّسبة إلى الآثار الشّرعيّة والأحكام الإلهيّة المحمولة على الواقع لا الآثار العقليّة المرتّبة على العلم بالواقع ، فلا يمكن أن يتوهّم بملاحظة دليل اعتبار الطّريق وتنزيله منزلة الواقع إمكان الجزم بنيّة الوجه.
ومنه يظهر : تطرّق المناقشة إلى قوله قدسسره ( فالتّحقيق : أنّ الظّن بالوجه إذا لم يثبت حجيّته فهو كالشّك فيه ... إلى آخره ) (١) ؛ لما عرفت : من عدم الفرق بالنّسبة إلى قصد المظنون بين اعتبار الظّن وعدمه.
(٢٥٠) قوله قدسسره : ( بل لا يبعد ترجيح الاحتياط على تحصيل الظّن الخاصّ ... إلى آخره ). ( ج ١ / ٤١٨ )
أقول : الوجه فيما أفاده ـ : من ترجيح الاحتياط عند العقل على سلوك الظّن الخاصّ ولو كان مبنى اعتباره على ملاحظة المصلحة المتداركة لمصلحة الواقع على تقدير فوتها من سلوك الأمارة المعتبرة بالخصوص ـ ظاهر ؛ إذ غاية ما هناك
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ / ٤١٧.