قطعا لرأي الإمام عليهالسلام ـ من اتّفاق علمائنا الأعلام المرتقين في العلم والعمل إلى أعلى مقام على حكم من الأحكام. فإنّ تتبّع كتبهم وأسفارهم والنّظر في أحوالهم وأطوارهم وملاحظة دقائق أنظارهم وتباين أفكارهم وشدّة محافظتهم على مخالطة أئمّتهم وهداتهم وكثرة اختلاف مسالكهم ومداركهم لمعرفة أحكامهم يكشف بالحدس الصّائب والذهن الثاقب عن أنّهم لم يتفقوا إلاّ عن حجّة قطعيّة بيّنة حاسمة للشّبه قاطعة للإعلام ، وهي حجّة مطلقا وإن علمت على سبيل الإجمال.
وربّما يستكشف بهذا الطّريق كون المدرك خبرا قطعيّا واصلا إليهم من الأئمّة عليهمالسلام لا مطلق الحجّة العلميّة. ولعلّ ذلك يصحّح قولهم بأنّ حجيّة الإجماع لكشفه عن قول المعصوم عليهالسلام أو للبناء على ما هو الغالب أو لغير ذلك.
والعبرة في هذا الوجه بحصول اتّفاق يكشف عادة عمّا ذكروا توارد الظّنون الموجب لذلك كما في المتواتر ويختلف هذا كثيرا باختلاف المسائل المجمع عليها والنّظر إلى الشّواهد والمنافيات كما هو ظاهر مستبين.
السّابع : أن يستكشف ممّا ذكر عن وجود الدليل المعتبر الّذي لو وقفنا عليه كما وقفوا ، لحكمنا بما حكموا به ولم نتخطه وهو حجّة أيضا كالتفصيلي ، وإن لم يكن موجبا للقطع بالحكم الأوّلي الواقعي. فيكون الإجماع بهذا الاعتبار من الأدلّة المعتبرة الغير المفيدة للعلم إلاّ في بعض المواضع كما هو واضح.
الثّامن : أن يستكشف عادة عن وجود نصّ قاطع أو قطعيّة موجود غير سليم من القدح في الظّاهر من اتّفاق جماعة من فضلاء أصحاب الأئمّة عليهمالسلام وأضرابهم ممّن لا يعتمد إلاّ على النّص القطعي كزرارة وابن مسلم وأشباههما والصّدوقين