بالواقع ، فليس جواز الأمرين في حقّه من التّخيير الشّرعي الاصطلاحي ، وإن هو إلا نظير القول بجواز اختيار السّفر للحاضر الموجب لرفع موضوع التّمام.
وهذا الّذي ذكرنا مراده قدسسره من التّخيير في قوله : « مثلا إذا فرضنا حجيّة الخبر مع الانفتاح تخيّر المكلّف ... إلى آخره » (١) لا ما يتوهّمه من لا خبرة له ـ وبين كونه مجعولا عند العجز عن تحصيل الواقع فيسمّى بالظّن الخاصّ المقيّد.
فإنّ تقديم سلوكه على الظّن بالواقع إنّما هو مع التّمكّن من تحصيل العلم به ؛ من حيث إنّه موجب للقطع بمعذوريّة المكلّف في مخالفة الواقع وسقوطه عنه في مرحلة الظّاهر. والظّن بالواقع لا يوجبه مع التّمكّن من تحصيل الطّريق المذكور علما وإن أوجبه مع العجز عنه في حكم العقل كالظّن بالطّريق بناء على الحكومة.
ثمّ إنّه كما يتعيّن سلوك الطّريق المجعول بقسميه مع التمكّن من تحصيل العلم به ، أو تحصيله من الطّرق الشّرعيّة المعتبرة بالخصوص في مقابل الظّن المطلق بالواقع ، كذلك يتعيّن سلوكه في مقابل الاحتياط الكلّي بالنّسبة إلى الواقع. أمّا على القول بتقديم الامتثال التّفصيلي المعتبر على الامتثال الإجمالي العلميّ على ما عرفت الكلام فيه في محلّه فواضح.
وأمّا على القول بجواز الامتثال الإجمالي مع التمكّن من الامتثال التّفصيلي فلإيجابه الاختلال الّذي يحكم العقل بقبح تجويز ما يوجبه والاحتياط الكلّي في
__________________
(١) فرائد الاصول : ج ١ / ٤٤٦.