الأحكام الشّرعيّة مع فرض انسداد باب العلم في أغلبها يوجب ذلك قطعا على ما عرفت الكلام فيه في طي المقدّمات.
ومنه يظهر : أنّ ما ذكرنا في طي التّعليقة وذكره شيخنا قدسسره في مطاوي كلماته من كون الامتثال العلمي الإجمالي ممّا يحكم العقل والنّقل بحسنه ورجحانه وجوازه حتّى مع التّمكن من الامتثال العلمي التّفصيلي فضلا عن التّمكّن من الامتثال الظّني التّفصيلي بالظّن الخاصّ فضلا عن الظّن المطلق ؛ فإنّما هو بالنّظر إلى القضيّة الطبيعيّة وملاحظته في نفسه والأخذ به في الجملة ، لا في جميع الأحكام ؛ فإنّه قبيح في حكم العقل من حيث استلزامه للقبح.
فما ذكرنا مرارا وقرع سمعك : من صحّة عمل المحتاط التّارك لطريقي الاجتهاد والتّقليد إنّما هو فيما إذا بنى على الاحتياط في بعض الأحكام المثبتة لا في جميعها.
نعم ، لو لم يبلغ الحرج اللاّزم من الاحتياط في جميع أحكام المشتبه حدّا يخلّ بنظام المعاش والمعاد لم يمنع تعسّره من جوازه ورجحانه ، وإن منع من إيجابه ؛ لأنّ رفع ما يوجب العسر الغير البالغ حدّ الاختلال إنّما هو بحكم الشّرع فقط ـ على ما عرفت مرارا ـ في قبال من تخيّل كون رفعه عقليّا أيضا.
والدّليل الشّرعي القائم عليه لا يدلّ إلاّ على أنّ الشّارع لم يوجب الأمر الحرجي على العباد ، ومن هنا حكمنا بصحّة الوضوء والغسل والصّوم ونحوها مع الحرج الّذي لا يحتمل عادة ، وحكمنا بفسادها مع لزوم الضّرر من فعلها على المكلّف.