__________________
إن أكثر الإعتراضات الموردة على كلام هذا الإمام [ أي صاحب الهداية ] ـ ولم أبعد عن الحق إن قلت : جميعها ـ ما نشأ إلاّ عن أمرين :
أحدهما : جعل مقدمات هذا الدليل عين مقدّمات دليل الإنسداد المشهور ، وعدّه نتيجة له ، وهذا دليل على بطلان ذلك الدليل لا أنه نتيجة له.
وثانيهما : الغفلة عن أصل المدّعى الذي صدّر كلامه ببيانه وعن سائر الوجوه التي ذكرها لإثباته ، فربّما ترك توضيح أمر أو بيان مقدّمة لاعتماده على ما حقّقه في موضع آخر ، وما كتاب « الهداية » عند أهل ملّة العلم إلاّ قرآن الفنّ يفسّر بعضه بعضا ولو لا مخافة الشطح في المقال لقلت : وأهل البيت أدرى بما فيه ، وأعلم بظاهره وخافيه. إلى أن قال :
وأوّل ما يلزمنا توضيح المدّعى فطالما نشئت الإعتراضات من الغفلة عنه وأورد عليه بما لا مساس له به ، فنقول :
الذي نذهب إليه حجّيّة الظنون المخصوصة وما هي غير الحاصلة من الثقلين : الكتاب والسنّة ، ومع وجودها لا يجوز التمسك بغيرها وتتقدّم على الظنّ المطلق تقدّم الدليل العلمي عليه ، والأحكام الفعليّة مقيّدة بمساعدة الظنون الحاصلة منهما عليها ، فلا علم بتكليف فعلي ، بل ولا تكليف فعلي خارج عنها.
وعليه فلا يبقى موقع للظن بالواقع أصلا فضلا عن عدم ترجيح الظن بالطريق عليه أو ترجيحه على الظن بالطريق ، وإنّما موقع ذلك دليل الإنسداد على تقريره الذي لم يؤخذ في مقدماته العلم بالطرق الشرعيّة ولا انحصارها في أمور مخصوصة يناط بها التكاليف الفعليّة.
ولقد تفرّس صاحب ( الهداية ) أن هذا الإعتراض أوّل ما يتشدّق به المعترضون فجعله