محرّمة بالأدلّة الأربعة عند عدم العلم به ولو كان مصادفا للواقع. فكيف يمكن أن يجعل الظّن به ظنّا بالبراءة عن الواقع مطلقا؟
نعم ، الظّن به ظنّ بسقوط الخطاب المتعلّق بالطّريق حيث أنّه توصّلي مطلقا فهو إنّما يفيد فيما لو كان التّكليف بالطّريق في عرض التّكليف بالواقع ، وليس الأمر كذلك حيث إنّه عينه بناء ، وغيره حقيقة مع كونه غيريّا توصّليا فتدبّر.
فما أفاده : من أنّ الظّن بالطّريق ظنّ بالبراءة دون الظّن بالواقع لم يعلم له معنى محصّل. وأمّا الاستشهاد لذلك : بأنّه قد يحصل الظّن بالواقع ممّا يقطع بحرمة سلوكه ، فكيف يكون موجبا للظّن بالبراءة؟
ففيه : أوّلا : أنّه قد يحصل الظّن بالطّريق أيضا ممّا يقطع بحرمة سلوكه كالقياس وأشباهه.
وثانيا : أنّ ذلك إنّما يمنع من الظّن بالبراءة لو كان المراد منها رضا الشّارع بالعمل به ، لا سقوط الخطاب الواقعي ؛ فإنّه يظنّ منه ذلك فيما لو كان توصّليا وإن كان العمل بالظّن المفروض حراما هذا.
فإن شئت قلت : الظّن بالحكم الشّرعي الفرعي وبما يكون طريقا إليه بعد تماميّة مقدّمات دليل الانسداد في حكم العقل بمنزلة العلم بهما سواء كان الحكم المذكور تعبّديّا أو توصّليا ، من غير فرق بينهما إلاّ في كون اعتبار العلم ذاتيا نفسيّا واعتبار الظّن بحكم العقل الكاشف عن حكم الشّرع ؛ فإنّ الموافقة الظنيّة في حكمه