بمنزلة الموافقة العلميّة بعد الملاحظة المذكورة ، والبراءة بمعنى سقوط العقاب يحصل يقينا بملاحظة حكم العقل المذكور ولو خالف الظّن الواقع ، من غير فرق بين الظّن بالواقع والظن بما جعل طريقا إليه ما دامت الأمارة قائمة ، من غير فرق بين التّوصّلي والتّعبّدي ولا يلزم حصوله بمعنى آخر.
وأمّا ثالثا : فلأنّ ما أفاده : من تسليم كون الظّن بالواقع ملازما للظّن بالبراءة عن الواقع من حيث أنّه واقع ، لا للظّن بالبراءة عنه في حكم المكلّف ، لا محصّل له أيضا إلاّ بدعوى تقييد الواقع بالطّريق كما هو صريح كلامه في الوجه الثّاني من الوجوه الّتي ذكرها لإثبات مرامه وسيجيء نقله ، وليس مبنى هذا الوجه عليه ، مع أنّك قد عرفت فساده بما لا مزيد عليه.
مع أنّك قد عرفت : أنّ جعل الطّريق ليس معناه حصول البراءة بسلوكه كيفما اتّفق ، بل معناه حسبما عرفت مرارا : تنزيل مؤدّى الطّريق منزلة الواقع ، فهو عين الواقع بالجعل الظّاهري وغيره حقيقة. وإن كان الملحوظ في الأمر المتعلّق به كونه غالب الإيصال إلى الواقع وكاشفا عنه ومرآة له ، فليس إلاّ أمرا تبعيّا غيريّا مقدّميّا فلا يكون سلوك الطّريق مطلوبا بالذّات فضلا من أن يكون أولى من الواقع أو قيدا له. مع أنّ هذا الوجه ليس مبناه على العلم الإجمالي بجعل الطّريق كما هو مبنى الوجه السّابق في الكتاب المذكور وفي « الفصول » أيضا. فكيف يمكن تقييد الخطابات الواقعيّة بمساعدة الطّريق عليها؟
وأمّا رابعا : فلأن ما أفاده : من تسليم حجيّة الظّن بالواقع مع فرض انسداد