باب الظّن بالطّريق فجعل هناك ثلاث مراتب متدرّجة مترتّبة لم يعلم له محصّل أيضا مع فرض البناء على تقييد الواقع بمؤدّى الطّريق ؛ إذ غاية ما يمكن أن يوجّه به على ما فرضوه أن يقال : إنّ العقل مستقلّ بلزوم تحصيل العلم بالبراءة أوّلا في حكم الشّارع بتحصيل العلم بالطّريق ، أو العلم بالواقع الّذي هو طريق إليه بحكم الشارع ، ومع انسداد بابه يحكم بلزوم تحصيل الظّن بالبراءة الّذي لا يحصل إلاّ من الظّن بالطّريق ، ومع انسداده يحكم بلزوم تحصيل احتمال البراءة الّذي هو آخر مراتب الإطاعة في حكم العقل ، وهو حاصل في الظّن بالواقع الّذي لم يعلم عدم حجيّته كما هو المفروض عند كلا الفريقين.
فهو إنّما يحكم بحجيّة الظّن بالواقع في الموضوع الّذي عرفته من حيث حصول احتمال البراءة به من حيث احتمال كونه طريقا وحجّة في حكم الشارع ، لا من حيث إنّه ظنّ بالواقع حتّى يتوجّه عليه : أنّه بعد تقييد الواقع بالطّريق لا معنى للحكم بحجيّة الظّن المتعلّق بالواقع أصلا ؛ حتّى مع فرض انسداد باب الظّن بالطّريق.
لكن يتوجّه عليه ـ بعد تسليم المقدّمات المذكورة ـ : أنّ اللاّزم عليه على ما ذكر الفرق في الظّنون القائمة على المسائل الفرعيّة بين مشكوك الاعتبار منها والموهوم ، بل اللاّزم عليه بعد فرض عدم كفاية مشكوك الاعتبار الفرق بين مراتب الوهم ، كما أنّ اللاّزم عليه التّعميم حينئذ بالنّسبة إلى الظّن بالواقع والطّريق المشكوك الاعتبار ، أو موهومه ، مع عدم إفادته للظّن بالواقع كما هو ظاهر.
وما يقال ـ في التفصّي عمّا ذكر ـ : من أنّ المفروض في كلام المستدلّ