الغيبة والحضور ـ كما هو ظاهر ـ إلاّ أن الحكم والمصالح المقتضية لغيبة الإمام عليهالسلام هي الّتي تقتضي رفع إيجاب إظهار الحقّ والرّدع عن الباطل عنه. كما أنّ إظهار الحقّ والرّدع عن الباطل ليس واجبا مطلقا عليه في زمان الحضور أيضا.
ولا ينافي ذلك وجوب وجوده من جهة توقّف وجود الموجودات الخلقيّة في جميع العوالم عليه. ومن هنا قالوا : وجوده لطف وتصرّفه لطف آخر (١).
وقال ( عجّل الله فرجه وسلام الله عليه وعلى آبائه الطّاهرين ) ـ في ردّ من زعم أنّه لا فائدة في وجود الإمام الغائب عليهالسلام بعد فرض عدم تصرّفه في مرحلة الظّاهر في العوالم الإمكانيّة ـ : ( وأمّا الانتفاع بي في غيبتي كالانتفاع بالشّمس إذا غابتها السحاب ) (٢).
فانظر إلى حضرته الجليلة كيف أوضح ارتباط العوالم الإمكانيّة بشمس فلك الولاية وافتقارها إليها والاقتباس الحدوثي والبقائي من إشراقاتها النّورية بأوضح بيان؟
وبالجملة : هذه الطّريقة محلّ مناقشة من وجوه عديدة مذكورة في مسألة الإجماع المحقّق ، والغرض في المقام التّعرض للمطلب بعنوان الإجمال والإشارة ، مقدّمة لما هو المقصود بالبحث والكلام من اتضاح حال نقل الإجماع من حيث دخوله في أيّ قسم من أقسام الخبر بعد الفراغ عن بيان أحكامها في الأمر الأول.
__________________
(١) كشف المراد : ٤٩١.
(٢) كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق : ج ٢ / ٤٨٥ باب ذكر التوقيعات الواردة عن القائم ـ ح ٤ والرواية هكذا : وأما وجه الإنتفاع بي في غيبتي فكالإنتفاع بالشمس إذا غيّبتها عن الأبصار السحاب ... الحديث.