وأمّا الوجه الرّابع الّذي اختاره بعض المتأخرين وركن إليه فلا يتم إلاّ بضمّ الوجه الثّالث إليه حتّى يحرز به مذهب خواص أصحاب الأئمّة عليهمالسلام ورأيهم في المسألة ، ثمّ يثبت وجود سائر شروط التّقرير المحتاج إلى كلفة مع تطرّق المنع إليها. ومع تماميّته بنفسه لا حاجة إلى هذا التّجشم أصلا.
وأمّا الوجه الثّالث الّذي ركن إليه أكثر المحقّقين من المتأخّرين وأوضحوا القول فيه غاية الإيضاح فلا ينبغي الارتياب في تماميّته. كما هو الوجه في تحصيل العلم بآراء سائر الرّؤساء في سائر المطالب من العلم باتّفاق تابعيهم على ما عرفت الكلام فيه عند بيان هذا الوجه.
بل أقول : إمعان النّظر في كلمات أكثر العلماء ، قاض باستنادهم إلى هذه الطّريقة في مقام دعوى الإجماع في المسائل ، كما يشهد به المتأمّل المنصف حتّى من كان ظاهره الوجه الأوّل ؛ فإنّ تحصيله بالحسّ غير ممكن عادة لمدّعي الإجماع في أمثال زماننا.
وتحصيله بالحدس القطعي أيضا لا معنى له ؛ لعدم طريق إليه إلاّ إجماع العلماء الكاشف بحكم العادة عن إتفاق أصحاب الأئمة عليهمالسلام الكاشف عن تلقّيهم عنهم عليهمالسلام فيرجع الأمر بالأخرة إلى العادة.
وأمّا سائر الوجوه المذكورة في كلام بعض مشايخ الأعلام فتطرّق المنع والمناقشة إليها ظاهر ، سيّما في جعل الإجماع كاشفا عن الحكم الظّاهري الدّليل الظّني المعتبر عند الكلّ بحيث لو وقفنا عليه لحكمنا بتماميّته من جميع الجهات ؛ لأنّ تمسّك كلّ فريق إلى ما لا نراه تامّا من جهة أو جهات ممّا لا يحيله عقل ولا عادة. كيف! وقد وقع ذلك في اتّفاق القدماء القائلين بوجوب النّزح ونحوه.