ثمّ إنّي قد وقفت بعد تحرير المقام ـ على النّسق الّذي عرفت ـ على كلام لبعض أفاضل المتأخّرين في وجه كشف الإجماع عن قول الإمام عليهالسلام بحكم العادة القطعيّة ، يرجع حاصله إلى :
أنّ من إفتاء كلّ واحد من العلماء يحصل الظّن ، إمّا بالحكم الواقعي المستلزم للظّن بحكم الإمام عليهالسلام بعد العلم الإجمالي بصدور حكم الواقعة عنه عليهالسلام ، أو بالحكم الصّادر عنه ابتداء ؛ من حيث إنّ همّتهم مصروفة في إدراك الحكم الصّادر عنه عليهالسلام ومن جودة أنظارهم وقوة أفكارهم وشدّة ملكاتهم يحصل الظّن من إفتاء كلّ واحد لا محالة ، ومن تراكم الظّن وكثرته : يحصل القطع بقول الإمام عليهالسلام.
وهذا الوجه وإن ذكره في تقريب إثبات الطّريقة المعروفة بين المتأخّرين إلاّ أنّه كما ترى منظور فيه ؛ من حيث إنّ خطأ الأنظار في المسائل العلميّة النّظريّة وإن توافقت وتراكمت لا تحيله عادة أصلا ؛ غاية ما هناك حصول الظن أو القويّ منه. فالحقّ في تقريب بيان طريقة المتأخّرين ما عرفت الإشارة إليه في طيّ كلماتنا السّابقة.
(١١) قوله قدسسره : ( نعم ، يمكن أن يقال : إنّهم قد تسامحوا ... إلى آخره ). ( ج ١ / ١٨٧ )
أقول : الالتزام بتسامحهم في إطلاق لفظ الإجماع ممّا لا مناص عنه. بل قد عرفت ذهاب جمع ممّن قارب عصرنا إلى كونه حقيقة في هذا المعنى المسامحيّ عند المتأخّرين وكونه مختلفي الحقيقة عند القدماء والمتأخّرين.
نعم ، هنا كلام في أنّ إطلاقه على هذا المعنى المسامحيّ هل هو مجاز في الكلمة أو لا وإنّما التّصرّف في أمر عقلي؟