يوجب صلىاللهعليهوآلهوسلم يوما على كلّ من لم يتمكّن من العلم المهاجرة ونحوها ، أو أخذ الأحكام على سبيل التّواتر ونحوه ، وكذا الحال في الأئمّة عليهماالسلام. وذلك أمر معلوم من ملاحظة أحوال السّلف والرّجوع إلى كتب الرّجال ، وإنكاره يشبه إنكار الضّروريات وليس ذلك إلاّ للاكتفاء بالأخذ بطرق ظنيّة.
ودعوى حصول العلم بالواقع ، من الأمور البعيدة خصوصا بالنّسبة إلى البلاد النّائية سيّما بعد ما كثرت الكذّابة على النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والأئمّة عليهماالسلام حتّى قام خطيبا في ذلك (١) ، ونادى به الأئمّة عليهماالسلام كما يظهر من ملاحظة الأخبار (٢) ، وما يتراءى من دعوى « السيّد » وغيره إمكان حصول القطع بالأحكام في تلك الأعصار ممّا يقطع بخلافه ، ويشهد له شهادة الشّيخ رحمهالله وغيره بامتناعه. والظّاهر أنّ تلك الكلمات مؤوّلة بما لا يخالف ما قلناه لبعد تلك الدّعوى من أضرابه.
وممّا ينادي بعدم بناء الأمر على تحصيل القطع ، ملاحظة حال العوامّ مع المجتهدين ؛ فإنّ من البيّن عدم وجوب تحصيل القطع عليهم بفتاوى المجتهد على حسب المكنة ، بل يجوز لهم الأخذ عن الواسطة العادلة مع التّمكن من العلم بلا
__________________
(١) الكافي الشريف : ج ١ / ٦٢ باب « اختلاف الحديث » ـ ح ١ ، عنه وسائل الشيعة : ج ٢٧ / ٢٠٦ باب « عدم جواز استنباط الأحكام النظرية من ظواهر كلام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم المروي عن غير جهة الأئمة عليهمالسلام ما لم يعلم تفسيره منهم » ـ ح ١.
(٢) أنظر اختيار معرفة الرجال للشيخ الطوسي قدسسره ( رجال الكشي ) : ج ٢ / ٤٨٩ ـ ح ٤٠١ وص ٤٩١ ـ ح ٤٠٢.