قلت : إن أقصى ما يفيده الظّن بالحكم هو الظّن بثبوت الحكم في نفس الأمر وهو لا يستلزم الظن بجواز الإفتاء أو وجوبه بمجرّد ذلك ؛ ضرورة جواز الانفكاك بين الأمرين حسبما مرّ بيانه في الوجوه السّابقة.
ألا ترى أنّه يجوز قيام الدّليل القاطع أو المفيد للظّن على عدم جواز الإفتاء حينئذ من دون أن يعارض ذلك الظن المتعلّق بنفس الحكم؟ ولذا يبقى الظّن بالواقع مع حصول القطع أو الظّن بعدم جواز الإفتاء بمقتضاه.
ودعوى : أنّ قضيّة الظّن بثبوت الحكم في الواقع هو حصول الظن بتعلّق التّكليف.
ينافي الظّاهر والظّن بجواز الإفتاء بمقتضاه ، إلاّ أن يقوم دليل قاطع أو مفيد للظّن بخلافه ، عريّة عن البيان. كيف! وضرورة الوجدان قاضية بانتفاء الملازمة بين الأمرين ولو مع انتفاء الدّليل المفروض ؛ نظرا إلى احتمال أن يكون الشّارع قد منع من الأخذ به.
نعم ، لو لم يقم هذا الاحتمال كان الظّن بالحكم مستلزما للظّن بتعلّق التّكليف في الظّاهر.
فإن قلت : إنّ مجرّد قيام الاحتمال لا ينافي حصول الظّن سيّما بعد انسداد سبيل العلم بالواقع وحكم العقل حينئذ بالرّجوع إلى الظّن.
قلت : الكلام حينئذ في مقتضى حكم العقل فإنّ ما يقتضيه العقل توقّف