.................................................................................................
______________________________________________________
والحاصل : لو قلنا بأن المال ملك للميت أو أنه مشترك فيه فلا يجوز للودعي تسليم المال إلى الوارث لأنه يدفعه إلى غير المستحق ، وولايته على المال ساقطة ، كما لا ولاية للودعي أيضاً في التصرف في المال ويجب عليه الاستئذان من الحاكم الشرعي. وهذا الوجه هو المعتمد عندنا لما ذكرنا غير مرّة أن المال بمقدار الدين لا ينتقل إلى الوارث ، فغير حج الإسلام من الواجبات المالية والديون حكمه حكم حج الإسلام في جواز التصرف للودعي في المال لكن يعتبر فيه الاستجازة من الحاكم.
ولو قيل بالانتقال إلى الوارث وكان منكراً للدين ، وكان إنكاره عن عذر كعدم العلم ونحوه ، فلا يجوز للودعي التصرف في المال من باب الحسبة لفرض وجود المالك ، ولا دليل على جواز تصرف غيره حسبة في هذا الفرض ، فلا يدخل المقام في كبرى مسألة الأُمور الحسبية ، بل لو علمنا أنه معترف بالدين ولكنه ممتنع من الأداء لا يجوز التصرف للودعي أيضاً ، وإنما ذلك وظيفة الحاكم الشرعي فيأخذه منه أو يتقاص منه الدائن ، وأمّا لو كان منكراً معذوراً فليس لأحد أخذ المال حتى الحاكم.
ثمّ إن كل مورد قلنا بجواز التصرف للودعي لا بدّ من تقييده بما إذا كان المال المتروك منحصراً بما في يده ولا يملك الميت مالاً آخر أو كان له مال آخر لكنه أقل من الدين ، ففي هذين الفرضين لا يجوز لمن عنده المال إعطاؤه إلى الوارث ، لأنّ إعطاء المال إلى غير من يستحقه غير جائز ، غاية الأمر قد عرفت ثبوت الولاية للوارث ولكن لا تثبت له الولاية فيما إذا كان الحق في معرض الإضاعة والتلف.
وأمّا إذا كان الميت يملك مالاً آخر يفي بأداء الدين كما إذا ترك مائتي دينار أو أكثر وكان دينه مائة دينار ، وكان المال المودع مائة دينار أو أقل ، فإن الميت حينئذ لا يملك شيئاً من الوديعة استقلالاً أو اشتراكاً وإنما حقه كما عرفت كلّي في تمام تركته وثابت في جميع المال المتروك ، وليس المال المودع ملكاً للميت وإنما هو كغيره من المال المتروك ملك للوارث ، ولا بدّ من إخراج الدين من مجموع المال المتروك الجامع بين المال المودع وغيره ، فلو أعطى المال إلى الوارث فقد أعطاه إلى أهله ومالكه ، ولا يضمن الودعي ولو لم يؤد الوارث الدين ، فالقاعدة تقتضي جواز إعطاء المال إلى الوارث.