.................................................................................................
______________________________________________________
«سألنا أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل من أهل مكّة خرج إلى بعض الأمصار ثمّ رجع فمر ببعض المواقيت التي وقت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) له أن يتمتّع؟ فقال : ما أزعم أن ذلك ليس له ، والإهلال بالحج أحبّ إليّ» (١) فما ورد من أنّه لا متعة للحاضر وليس لأهل مكّة متعة (٢) يخصص بهاتين الصحيحتين.
وقد أجاب المصنف وغيره عن الخبرين بحملهما على الحج الندبي بقرينة ذيل الخبر الثاني ، فإنّ مورده الندب ، وذكر بعضهم أن الخبرين مطلقان من حيث قصد الحج من البعيد والقريب فيعارض إطلاقهما بإطلاق ما دلّ على أنه ليس لأهل مكّة متعة ، فإنه أيضاً مطلق من حيث الحج الواجب والندب ، والنسبة عموم من وجه ويقع التعارض بينهما في الحج الواجب إذا قصده من البعيد ، ومقتضى الصحيحين جواز التمتّع له ومقتضى إطلاق ما دلّ على المنع من المتعة لأهل مكّة عدم جوازه له فيتساقط الإطلاقان ، ولكن ذكر في الرياض انتصاراً لابن أبي عقيل بأنه يرجّح التصرّف في المعارض وهو «لا متعة لأهل مكّة» لموافقته للكتاب والسنّة (٣).
أقول : الظاهر عدم إمكان حمل الصحيحين على الحج الندبي لوجهين :
الأوّل : أن قوله (عليه السلام) : «ما أزعم أن ذلك ليس له لو فعل» لا يلائم المندوب ، إذ لو كان السؤال في الخبرين عن الحج الندبي فلا ريب في جواز التمتّع له فهذا التعبير ظاهر في أن مورد السؤال هو الحج الواجب. على أن جواز التمتّع فيما إذا كان الحج ندبياً أمر مسلم يعرفه كل أحد ولا حاجة إلى السؤال خصوصاً من مثل عبد الرحمن الذي هو من أكابر الرواة.
الثاني : أن قوله (عليه السلام) : «وكان الإهلال أحب إلى» لا ينسجم مع الندبي إذ لو كان مورد السؤال الحج الندبي فلا ريب في أفضلية التمتّع عن الإفراد لا الإهلال بالحج الذي أُريد به الإفراد.
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢٦٣ / أبواب أقسام الحج ب ٧ ، ح ١.
(٢) الوسائل ١١ : ٢٥٨ / أبواب أقسام الحج ب ٦.
(٣) رياض المسائل ٦ : ١٧١.