.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا القسم الثالث فبإزائه القسم الرابع ، حيث إنّ مقتضى أحدهما العدول ومقتضى الآخر إتمام العمرة بدون طواف وقضاؤه بعد ذلك ، فإن بنينا على أنهما متعارضان وليس بينهما جمع عرفي فيتساقطان لا محالة ، فيكون المرجع إطلاق صحيحة جميل الدالّة على وجوب العدول مطلقاً فيتم ما ذهب إليه المشهور ، وأمّا إذا بنينا على أن إطلاق كلّ منهما يقيد بنص الآخر كما هو الصحيح فتكون النتيجة هي التخيير فيقيد بذلك إطلاق صحيحة جميل.
فالنتيجة : أن الحيض إذا كان قبل الإحرام كانت الوظيفة حج الإفراد وإذا طرأ بعد الإحرام كانت الوظيفة هي التخيير.
بقي في المقام شيء وهو أنه ربّما يظهر من بعض النصوص عدم إمكان التخيير لها وعدم مشروعية المتعة لها كما في صحيحة ابن بزيع «عن المرأة تدخل مكّة متمتعة قبل أن تحل متى تذهب متعتها؟ قال : كان جعفر (عليه السلام) يقول : زوال الشمس من يوم التروية إلى أن قال إذا زالت الشمس أي من يوم التروية ذهبت المتعة فقلت : فهي على إحرامها أو تجدّد إحرامها للحج؟ فقال : لا ، هي على إحرامها» (١) فإن المتفاهم من قوله : «ذهبت المتعة» أن المتعة غير ثابتة وغير مشروعة في حقها.
وكذا صحيح مرازم «المتمتِّع يدخل ليلة عرفة مكّة أو المرأة الحائض متى يكون لها المتعة؟ قال : ما أدركوا النّاس بمنى» (٢) أي ليلة عرفة ، لاستحباب الذهاب إلى منى ليلة عرفة ثمّ الذهاب إلى عرفة. والمستفاد منه أنها لو لم تدرك الحائض النّاس بمنى لا تشرع لها المتعة ، فيقع التعارض بين هاتين الروايتين وما دلّ على التخيير ، والمتبع حينئذ إطلاق صحيح جميل الدال على العدول إلى الإفراد مطلقا.
ولكن الظاهر أن الأمر ليس كذلك ولا تعارض في البين ، وذلك فإن الصحيحتين
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢٩٧ / أبواب أقسام الحج ب ٢١ ح ٤.
(٢) الوسائل ١١ : ٢٩٤ / أبواب أقسام الحج ب ٢٠ ح ١٤.