.................................................................................................
______________________________________________________
من مكانه وعدم لزوم الرجوع إلى الميقات ، نظير من كان منزله بعد الميقات ، فإن موضع إحرامه دويرة أهله وليس عليه الرجوع إلى الميقات ، فالحكم بجواز الإحرام من مكانه وعدم لزوم الرجوع إلى الميقات لا يختص بمن كان منزله دون الميقات ، بل يشمل من كان بنفسه دون الميقات من باب الاتفاق وإن كان منزله بعيداً ، فالمستفاد من الرواية أن من كان دون الميقات ولو اتفاقاً وأراد العمرة يجوز له الإحرام من مكانه وليس عليه الرجوع إلى الميقات ، ولا خصوصية لذكر عسفان ، بل الميزان كل من كان بعد الميقات سواء كان في عسفان أو في غيره من المواضع.
ولكن لا يبعد أن يكون المراد بالإهلال هو رفع الصوت بالتلبية كما هو معناه لغة يقال : أهل بذكر الله : رفع به صوته ، وأهل المحرم بالحج والعمرة : رفع صوته بالتلبية وأهلوا الهلال واستهلوه : رفعوا أصواتهم عند رؤيته ، وأهل الصبي : إذا رفع صوته بالبكاء (١) ، فمعنى الرواية أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) رفع صوته بالتلبية في عسفان ، والعمرة التي رفع صوته بالتلبية من عسفان هي عمرة الحديبية ، فلا ينافي ذلك مع إحرامه من مسجد الشجرة.
يبقى الإشكال في إحرامه (صلّى الله عليه وآله وسلم) من الجحفة في عمرة القضاء كما في المرسلة.
ويندفع بأن العبرة بصحيحة الكافي عن معاوية بن عمّار ، فإن المذكور فيها الإهلال من الجحفة ، وقد عرفت أن المراد به رفع الصوت بالتلبية.
والذي يظهر من الروايات الصحيحة والتواريخ المعتبرة أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) إنما اعتمر بعد الهجرة عمرتين ، وإنما عبر في هذه الصحيحة بثلاث عمر باعتبار شروعه في العمرة والإحرام لها ولكن المشركين منعوه من الدخول إلى مكّة ، فرجع (صلّى الله عليه وآله وسلم) بعد ما صالحهم في الحديبية واعتمر في السنة اللّاحقة قضاءً عمّا فات عنه (صلّى الله عليه وآله وسلم) وعن أصحابه فسمِّيت بعمرة
__________________
(١) أساس البلاغة : ٤٨٧.