.................................................................................................
______________________________________________________
القضاء ، كما صرح بذلك في صحيحة أبان عن أبي عبد الله (عليه السلام) ، قال : «اعتمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) عمرة الحديبية وقضى الحديبية من قابل ، ومن الجعرانة حين أقبل من الطائف ، ثلاث عمر كلهن في ذي القعدة» (١) وفي صحيحة صفوان أنه (صلّى الله عليه وآله وسلم) أحرم من الجعرانة (٢).
فالذي يستفاد من صحيحة معاوية بن عمّار أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) أحرم من مسجد الشجرة للعمرة ورفع صوته بالتلبية من عُسفان ، وهي العمرة التي منعه المشركون من الدخول إلى مكّة وصالحهم في الحديبية ورجع من دون إتيان مناسك العمرة ، ثمّ في السنة اللاحقة اعتمر وأحرم من مسجد الشجرة وأهل ورفع صوته بالتلبية من الجحفة فسميت بعمرة القضاء.
وأمّا الجِعرانة فالظاهر من الصحيحة أنه (صلّى الله عليه وآله وسلم) أحرم منها لظهور قوله : «وعمرة من الجعرانة» في أن ابتداء العمرة كان من الجعرانة ، لا أنه أحرم قبل ذلك ورفع صوته بالتلبية من الجعرانة كما صرّح بذلك في صحيحة أبان المتقدّمة.
فالمستفاد من الصحيحة جواز الإحرام للعمرة المفردة من الجِعرانة اختياراً وإن لم يكن من أهل مكّة كالنبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه ، كما يجوز الإحرام من أدنى الحل. ولكن إنما يختص ذلك بمن بدا له العمرة في الأثناء.
فما ذكرناه في أوّل البحث من أن ميقات العمرة المفردة للنائي الخارج من مكّة هو المواقيت المعروفة غير تام على إطلاقه ، بل لا بدّ من التفصيل ، وحاصله :
أن النائي إذا سافر وخرج من بلده لغرض من الأغراض كقتال ونحوه ووصل إلى حدود الحرم ودون الميقات فبدا له أن يعتمر ، يجوز له أن يعتمر من أدنى الحل من الجِعرانة ونحوها كما صنع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) ، ولا يجب عليه العود والرجوع إلى الميقات ، وأمّا النائي الذي يخرج من بلده بقصد العمرة فليس
__________________
(١) الوسائل ١٤ : ٢٩٩ / أبواب العمرة ب ٢ ح ٣.
(٢) الوسائل ١١ : ٢٦٨ / أبواب أقسام الحج ب ٩ ح ٦.