نعم ، لو كان المشي داخلاً في الإجارة على وجه الجزئية بأن يكون مطلوباً في الإجارة نفساً استحقّ مقدار ما يقابله من الأُجرة بخلاف ما إذا لم يكن داخلاً أصلاً ، أو كان داخلاً فيها لا نفساً بل بوصف المقدّمية ، فما ذهب إليه بعضهم من توزيع الأُجرة عليه أيضاً مطلقاً لا وجه له ، كما أنّه لا وجه لما ذكره بعضهم من التوزيع على ما أتى به من الأعمال بعد الإحرام ، إذ هو نظير ما إذا استؤجر للصلاة فأتى بركعة أو أزيد ثمّ أُبطلت صلاته ، فإنّه لا إشكال في أنه لا يستحق الأُجرة على ما أتى به.
______________________________________________________
يكفي في صحّة الإجارة ، نظير الاستئجار على التطهير فإنّه مقدور بالواسطة وإلّا فالتطهير بنفسه غير مقدور له.
وأمّا إذا كان أجيراً على الأعمال والمناسك نفسها فلا بدّ من تقسيط الأُجرة وتوزيعها حسب الإتيان بالأعمال. نعم ، إذا مات قبل الإحرام فلا يستحق من الأُجرة شيئاً وإن أتى ببعض المقدّمات كالسفر ونحوه ، لعدم تفريغ ذمّة الميت بذلك وعدم الإتيان بالأعمال والأفعال المستأجر عليها ، ودعوى تقسيط الأُجرة حتى بالنسبة إلى المقدّمات لا شاهد لها.
كما أن دعوى أنه يستحق اجرة المثل لما أتى به من المقدّمات لاحترام عمل المسلم نظير استحقاق اجرة المثل في الإجارة الفاسدة لا وجه لها ، لأنّه إنّما أتى بالمقدّمات باختياره لأجل الوصول إلى العمل المستأجر عليه ، والمفروض أنه لم يكن مغروراً من قبل المستأجر ولم يكن صدور هذه المقدّمات مستنداً إلى أمر المستأجر ، فلا يقاس المقام بباب الإجارة الفاسدة الموجبة لاستحقاق اجرة المثل لأنّ إتيان العمل في باب الإجارة الفاسدة مستند إلى أمر المستأجر وذلك موجب للضمان ، بخلاف المقام فإنّ إتيان المقدّمات لم يكن بأمر المستأجر وإنما أتى الأجير بها باختياره لغرض الوصول إلى العمل المستأجر عليه ، فهي أجنبية عن متعلق الإجارة بالمرّة ، نظير ما لو استأجر على الصلاة فتوضّأ الأجير أو اغتسل ثمّ عجز عن أداء الصلاة فإنّه لا يستحق اجرة المثل لوضوئه أو غسله.