.................................................................................................
______________________________________________________
أحدهما : مرسل النضر عن بعض أصحابه ، قال : «كتبت إلى أبي إبراهيم (عليه السلام) : رجل دخل مسجد الشجرة فصلّى وأحرم وخرج من المسجد فبدا له قبل أن يلبي أن ينقض ذلك بمواقعة النساء ، إله ذلك؟ فكتب : نعم أو لا بأس به» (١) فإنّه دال على تحقّق الإحرام قبل التلبية ، والجواب ما عرفت مضافاً إلى ضعف السند بالإرسال.
ثانيهما : صحيح معاوية بن عمّار قال (عليه السلام) : «صلّ المكتوبة ثمّ أحرم بالحج أو بالمتعة واخرج بغير تلبية حتى تصعد إلى أوّل البيداء إلى أوّل ميل عن يسارك فإذا استوت بك الأرض راكباً كنت أو ماشياً فلبّ» (٢) فإنه أيضاً يدل على وقوع الإحرام قبل التلبية ، إلّا أنه لا بدّ من حمله على المقدّمات مثل التجرّد من المخيط ولبس الثوبين ، لما عرفت من صراحة تلك الروايات في حصول الإحرام بالتلبية. وبالجملة : لا ينبغي الإشكال في كون الروايات صريحة في أنّ التلبية سبب وموجب للإحرام وقبلها لا يتحقق الإحرام.
وإن شئت قلت : إنّ المستفاد من الروايات المعتبرة الكثيرة أن التلبية سبب للإحرام وبها يدخل في الإحرام وقبلها لا يكون محرماً ، ولكن ليس مرادنا من ذلك أن الإحرام يصدق على التلبية أو التلبية صادقة على الإحرام ، بل التلبية تلبية الإحرام لا أنها بنفسها إحرام ، نظير تكبيرة الإحرام فإن المكلف بسبب التكبيرة إذا قصد بها الصلاة يدخل في الصلاة ، وكذلك بالتلبية بقصد الحج يدخل في الإحرام وفي أوّل جزء من الحج ، بل مرادنا أن الإحرام معناه إدخال نفسه في حرمة الله ، غاية الأمر إنما يدخل في حرمة الله بسبب التلبية ، فما لم يلب لم يدخل في الإحرام وفي حرمة الله ، كما إذا لم يكبر لم يدخل في الصلاة وإذا كبر حرم عليه منافيات الصلاة ، وفي المقام تحرم عليه الأُمور المعهودة إذا لبّى ، ولا يتحلّل من ذلك إلّا بالتقصير في العمرة والسعي في الحج.
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٣٣٧ / أبواب الإحرام ب ١٤ ح ١٢.
(٢) الوسائل ١٢ : ٣٧٠ / أبواب الإحرام ب ٣٤ ح ٦.