.................................................................................................
______________________________________________________
ومنها : صحيحة معاوية بن وهب «عن التهيؤ للإحرام ، فقال : في مسجد الشجرة ، فقد صلّى فيه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وقد ترى أُناساً يحرمون فلا تفعل حتى تنتهي إلى البيداء حيث الميل فتحرمون كما أنتم في محاملكم ، تقول : لبيك اللهمّ لبيك» (١) وهذه الصحيحة أيضاً واضحة الدلالة ولعلّها أوضح ممّا سبق ، لقوله : «فتحرمون كما أنتم في محاملكم تقول : لبيك» مع النهي عن الإحرام في مسجد الشجرة فقبل التلبية لا إحرام.
ومنها : صحيحة معاوية بن عمّار «إذا فرغت من صلاتك وعقدت ما تريد أي عزمت على الإحرام فقم وامش هنيهة (هنيئة) ، فإذا استوت بك الأرض ماشياً كنت أو راكباً فلب» (٢) وغير ذلك من الروايات المذكورة في أبواب متفرِّقة ، فإنّ المستفاد من جميعها أن التلبية سبب للإحرام وما لم يلب لم يكن بمحرم وليس عليه شيء.
وأمّا ما ورد في بعض الروايات من عقد الإحرام أو الأمر بعقد الإحرام الذي يتوهّم منه أنه الإحرام دون التلبية فهو غير صحيح ، وذلك لأنّ المراد بهذه الكلمة «عقد الإحرام» إمّا العزم والبناء على نفسه بترك المحرمات المعهودة ، أو يراد بها الإتيان بجميع مقدّمات الإحرام حتى لبس الثوبين ، ولعلّ الثاني أنسب ، ولكن ذلك لا علاقة له بنفس الإحرام ، لأنّ الروايات كما عرفت صريحة في كون التلبية سبباً للإحرام وما لم يلب لم يتحقق منه الإحرام ، وليس بإزاء هذه الروايات الكثيرة الواضحة دلالة ما يوجب رفع اليد عنها ، فالقول بأنّ الإحرام غير التلبية ، وأنه هو البناء والعزم على الترك وتوطين النفس على ذلك كما عن الشيخ الأنصاري (قدس سره) ، بحيث لو كان بانياً على ارتكاب بعض المحرّمات لبطل حجّه وإحرامه ، ممّا لا وجه له أصلا.
نعم ، في البين خبران يظهر منهما أن الإحرام يتحقّق قبل التلبية ، ولكن لا بدّ من رفع اليد عن ظهورهما بحملهما على العزم على الإحرام أو إتيان مقدّمات الإحرام والتهيؤ له ، لصراحة الروايات المتقدّمة على خلافهما.
__________________
(١) الوسائل ١٢ : ٣٧٠ / أبواب الإحرام ب ٣٤ ح ٣ ، ٢.
(٢) الوسائل ١٢ : ٣٧٠ / أبواب الإحرام ب ٣٤ ح ٣ ، ٢.