.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا إذا كان شكّه في أن إحرامه كان لحج الإفراد أو لعمرة التمتّع فيدور الأمر حينئذ بالنسبة إلى التقصير قبل الحج بين الوجوب والتحريم ، إذ لو كان إحرامه لعمرة التمتّع يجب عليه التقصير قبل الحج ليحل حتى يحرم ثانياً للحج ، وإن كان إحرامه لحج الإفراد يحرم عليه التقصير بل يجب عليه الذهاب إلى الموقفين لأداء أعمال الحج ويقصر أو يحلق في منى ، فالاحتياط غير ممكن فتصل النوبة إلى الامتثال الاحتمالي ، ونتيجة ذلك هو الاقتصار على أحد العملين والتخيير بينهما ، فله أن يخرج من الإحرام باختيار عمرة التمتّع ويقصر ثمّ يذهب إلى الحج ويأتي بأعمال حج التمتّع رجاءً ، وبعد الفراغ من ذلك كلّه يخرج من الإحرام جزماً ، فإن الواجب عليه لو كان عمرة التمتّع فقد أتى بمناسكها وخرج من الإحرام ، وإن كان الواجب عليه حج الإفراد واقعاً فقد جاء بأعمال الحج ، ولم يصدر منه سوى مخالفة الحكم التكليفي احتمالاً وهو التقصير الواقع قبل أداء الحج ، ولا يوجب ذلك شيئاً إلّا الكفّارة. كما أن له أن يختار الحج أوّلاً ، فالواجب عليه الوقوفان ولا يجوز له التقصير ، فحينئذ يحتمل الامتثال كما يحتمل المخالفة للواقع أيضاً لأجل تركه الطواف والسعي والتقصير قبل الحج.
وكيف كان ، في مورد التقصير يدور أمره بين المحذورين فلا محالة يكون الحكم هو التخيير.
هذا ما يقتضيه الحال في بادئ النظر ، ولكن مقتضى التأمل وجوب التقصير ، لأنّ التقصير إذا جاز بحكم التخيير وجب لوجوب إتمام العمرة والحج ، فإذا جاز له التقصير يتمكن من الإتمام ، فإذا تمكن منه وجب لقوله تعالى (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ) (١) وقد ذكرنا نظير ذلك في كتاب التيمّم (٢) في مسألة ما لو كان عنده ماء وتراب وعلم بغصبية أحدهما ، فقد ذكر الماتن أنه من فاقد الطّهورين ولا يجوز له الوضوء ولا التيمم ، ولكن قلنا هناك بوجوب الوضوء عليه حينئذٍ لأنّه من دوران الأمر بين المحذورين في كل من التيمم والوضوء ويحكم بالتخيير وبجواز ارتكاب أحد الطرفين
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٩٦.
(٢) في المسألة [١١١١].