.................................................................................................
______________________________________________________
بصحّته ، ولا فرق بين المقامين سوى كون النسيان مسبوقاً بالعلم وإلّا فالواقع متعيّن في الموردين ، غاية الأمر لا يتمكن من التمييز فتكفي الإشارة الإجمالية ، بل حتى إذا كان متمكناً من التمييز لا يلزم التفصيل في النيّة وتكفي الإشارة الإجمالية ، فيجوز له أن يحرم لما يعيّنه الله واقعاً فيما بعد ، والمقام أولى بالصحّة لأنه متعيّن في غير علم الله أيضاً ، لأنّ الشخص الذي أحرم أوّلاً يعلم قصده ، غاية الأمر من أحرم كإحرامه لا يدري بما قصده ، فالمقام نظير ما إذا نوى طبقاً لما كتبه في القرطاس الذي نساه ولا يتمكّن من الرجوع إلى القرطاس.
وأمّا الأوّل : وهو الذي يعلمه بعد ذلك وينكشف له كيفية إحرام ذلك الشخص فالظاهر أيضاً أنه لا مانع من الحكم بالصحّة ، لأنّ التعيين الإجمالي حاصل ، ولا دليل على اعتبار الأزيد من ذلك ، بل هذه الصورة أولى بالصحّة من الإحرام لما يعيّن الله فيما بعد ، الذي قلنا بجواز ذلك وإن لم ينكشف عنده ، والمفروض في المقام حصول الانكشاف لديه أيضاً.
وقد يتمسك للصحّة في هذه الصورة بفعل علي (عليه السلام) حينما قدم من اليمن محرماً بالحج وسأله النبي (صلّى الله عليه وآله) «وأنت يا علي بما أهللت؟ قال (عليه السلام) : إهلالاً كإهلال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلم) ، فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : كن على إحرامك مثلي (١)» كما في صحيحة معاوية بن عمّار ، وفي صحيحة الحلبي «فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) : يا علي بأي أهللت؟ فقال : أهللت بما أهلّ النبي (صلّى الله عليه وآله) ، فقال : لا تحل أنت ، فأشركه في الهدي» (٢) فقد ذكروا أن معنى ذلك أني نويت الإحرام بما أحرمت به أنت يا رسول الله كائناً ما كان ، فكأنه (عليه السلام) لم يعيّن إهلاله حجاً أو عمرة وإنما نوى إهلالاً كإهلال النبي (صلّى الله عليه وآله) فأقره النبي (صلّى الله عليه وآله) على ذلك فقال له : لا تحل أنت وكن على إحرامك.
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢١٥ / أبواب أقسام الحج ب ٢ ح ٤.
(٢) الوسائل ١١ : ٢٢٢ / أبواب أقسام الحج ب ٢ ح ١٤.