.................................................................................................
______________________________________________________
ولكن يظهر من الصحيحتين أن فعل علي (عليه السلام) أجنبي عن الإجمال في النيّة وعن الاكتفاء بقوله : أُحرم كإحرام فلان ، وذلك لأنّ الظاهر من قول أمير المؤمنين (عليه السلام) : إهلالاً كإهلال النبي (صلّى الله عليه وآله) ، أني نويت الحج المشروع الواجب على المسلمين وهو حج الإفراد أو القرآن ، فمراده (عليه السلام) والله العالم أني نويت الحج كحج النبيّ (صلّى الله عليه وآله) وسائر المسلمين ، ولم يكن حج التمتّع حينذاك مشروعاً ، وإنما شرّع بعد وصول رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إلى مكّة وبعد السعي قبل وصول أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى مكّة ، فما نواه أمير المؤمنين (عليه السلام) إنما هو حج الإفراد فلا إجمال في نيّته أصلا.
نعم ، في صحيح معاوية بن عمّار وصحيحة الحلبي ما يظهر منهما المنافاة من جهة أُخرى ، ولا يمكن الجمع بينهما من هذه الجهة ، وهي أن مقتضى صحيح معاوية بن عمّار أن الهدي الذي جاء به رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أربع وستّون أو ستّ وستون وما جاء به أمير المؤمنين (عليه السلام) أربع وثلاثون أو ستّ وثلاثون الترديد من الراوي وساق الهدي كالنبيّ (صلّى الله عليه وآله) فيشمله قوله (صلّى الله عليه وآله) : «ولا ينبغي لسائق الهدي أن يحل حتى يبلغ الهدي محلّه» ، ويظهر من صحيح الحلبي أن أمير المؤمنين (عليه السلام) لم يأت بالهدي ولم يسق هدياً وإنما رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ساق مائة بدنة وأشركه في هديه وجعل له سبعاً وثلاثين ، فيكون حاله (عليه السلام) كحال سائر المسلمين لقوله (صلّى الله عليه وآله) : «يأمرني أن آمر من لم يسق هدياً أن يحل» (١) ومع ذلك أمره بعدم الإحلال وأشركه في هديه وحجّه ، فلا بدّ من الالتزام بأن ذلك من مختصاته (عليه السلام) ونحو ذلك من التأويلات.
ثمّ إنّ المصنف ذكر في آخر المسألة أنه قد يقال : يتمتّع في صورة الاشتباه وعدم انكشاف الحال إلى الآخر ، ولكن لا دليل عليه إلّا في مورد يصح له العدول إلى التمتّع كما فعله المسلمون بأمر النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلم) ، وفيما إذا لم يكن متعيّناً عليه
__________________
(١) الوسائل ١١ : ٢٣١ ، أبواب أقسام الحج ب ٢ ح ٢٥.