نعم الظاهر وجوب التلبية على القارن وإن لم يتوقف انعقاد إحرامه عليها فهي واجبة عليه في نفسها (*) ، ويستحب الجمع بين التلبية وأحد الأمرين وبأيهما بدأ
______________________________________________________
بدنة ، فكيف أصنع بها؟ فقال : انطلق حتى تأتي مسجد الشجرة فأفض عليك من الماء والبس ثوبك ، ثمّ أنخها مستقبل القبلة ، ثمّ ادخل المسجد فصلّ ثمّ افرض بعد صلاتك ، ثمّ اخرج إليها فأشعرها من الجانب الأيمن من سنامها ، ثمّ قل : بسم الله اللهمّ منك ولك اللهمّ تقبل منّي ، ثمّ انطلق حتى تأتي البيداء فلبّه» (١) فإن المفروض في مورد الرواية تحقق الإحرام بالإشعار ، فيكون الأمر بالتلبية ظاهراً في الوجوب النفسي.
والجواب عنه : أمّا عن الأوّل فبأنه لا يمكن التمسك بالإطلاقات ، فإن الأخبار الآمرة بالتلبية كلّها في مقام بيان تحقق الإحرام بذلك وأنه أحد الثلاثة ، فإذا أشعر أو قلّد فقد حصل الإحرام منه ، ومعه لا يبقى مجال وموضوع للتلبية.
وأمّا عن الثاني : وهو موثقة يونس ، فالظاهر من الأمر بالتلبية في مورد الاشعار والإحرام به هو وجوب التلبية وجوباً نفسيا.
ودعوى أنه مشتملة على جملة من المستحبات وذلك يوجب عدم ظهور الأمر في الوجوب ، ضعيفة لما ذكرنا غير مرّة أن مجرد اشتمال الرواية على المستحبات لا يوجب رفع اليد عن ظهور الأمر في الوجوب ، إلّا إذا قامت القرينة على عدم إرادة
الوجوب ، فالموثقة لا قصور في دلالتها على الوجوب.
ولكن مع ذلك لا يمكن الاستدلال بها للوجوب ، لأنّ الموثقة لو كانت على النحو الذي ذكرناها ورواها الكليني (٢) فالأمر كما ذكرنا ، إلّا أن الصدوق (٣) رواها أيضاً بطريقه الصحيح بزيادة توجب كون الموثقة أجنبيّة عن المقام بالمرّة ، ولم يذكر الكليني هذه الزيادة ، فقد روى الصدوق بإسناده عن ابن فضال عن يونس بن يعقوب ، قال :
__________________
(*) في وجوبها عليه إشكال.
(١) الوسائل ١١ : ٢٧٥ / أبواب أقسام الحج ب ١٢ ح ٢.
(٢) الكافي ٤ : ٢٩٦ / ١.
(٣) الفقيه ٢ : ٢١٠ / ٩٥٨ ، الوسائل ١١ : ٢٧٥ / أبواب أقسام الحج ب ١٢ ح ٣.