وهل يستحقّ الأُجرة على الأوّل أو لا؟ قولان مبنيّان على أنّ الواجب هو الأوّل وأنّ الثاني عقوبة أو هو الثاني وأنّ الأوّل عقوبة.
______________________________________________________
أن الواجب الأصلي هو الحج الأوّل والثاني عقوبة ، أو عكس ذلك وأنّ الحج الأوّل فاسد وإنّما أُمر بإتمامه عقوبة والواجب الأصلي هو الحج الثاني.
فعلى الأوّل فقد أتى الأجير بالحج المستأجر عليه وبرئت ذمّة المنوب عنه ، فلو فرضنا أنّ الأجير مات قبل أن يأتي بالحج الثاني أو تركه نسياناً أو عصياناً فلا يوجب ذلك خللاً في فراغ ذمّة المنوب عنه ، غاية الأمر أنّه لم يأت الأجير بوظيفته المقررة لنفسه فذمّته بنفسه مشغولة ، وعلى هذا لا ينبغي الريب في استحقاق الأجير تمام الأُجرة المسماة لتسليم العمل بتمامه وكماله إلى المستأجر وإن ترك ما هو الواجب عليه بنفسه ، فإنه أجنبي عن العمل المستأجر عليه ، خلافاً لصاحب الجواهر (١) وجماعة فإنهم أصروا على أن الحج الأوّل فاسد وإنما وجب إتمامه عقوبة والواجب الأصلي هو الثاني ، لإطلاق الفاسد على الأوّل في النص والظاهر منه الفساد حقيقة وحمله على الفساد الحكمي مجاز لا داعي له.
والتحقيق : أن الواجب الأصلي هو الأوّل والثاني عقوبة ، ولا بدّ من حمل الفساد الوارد في بعض النصوص بالنسبة إليه على الفساد المجازي ، للنصوص الدالّة على فراغ ذمّة الحاج عن نفسه وفراغ ذمّة المنوب عنه والدالّة على أن الأوّل هو الواجب الأصلي والثاني عقوبة.
منها : صحيحة زرارة «عن محرم غشي امرأته وهي محرمة إلى أن قال : وعليهما بدنة وعليهما الحج من قابل ... قلت : فأي الحجتين لهما؟ قال : الأُولى التي أحدثا فيها ما أحدثا والأُخرى عليهما عقوبة» (٢) وهذه الصحيحة وإن كان صدرها مطلقاً من حيث الحاج عن نفسه والحاج عن غيره ولكن يظهر من الذيل لقوله «أي الحجتين
__________________
(١) الجواهر ١٧ : ٣٨٩.
(٢) الوسائل ١٣ : ١١٢ / أبواب كفارات الاستمتاع ب ٣ ح ٩.