ثمّ لا يخفى عدم تمامية ما ذكره ذلك القائل من عدم استحقاق الأُجرة في صورة كون الإجارة معيّنة ولو على ما يأتي به في القابل ، لانفساخها وكون وجوب الثاني تعبّداً لكونه خارجاً عن متعلق الإجارة وإن كان مبرئاً لذمّة المنوب عنه ، وذلك لأنّ الإجارة وإن كانت منفسخة بالنسبة إلى الأوّل لكنها باقية بالنسبة إلى الثاني
______________________________________________________
والثاني عقوبة.
وأمّا لو قلنا بأن الفرض هو الثاني والأوّل فاسد فحينئذ يقع الكلام في جهات :
الاولى : يظهر من كلماتهم أن الإجارة تنفسخ حينئذ إذا كانت معيّنة ومقيّدة بهذه السنة ولا يستحق الأُجرة ويجب عليه الإتيان في القابل بلا اجرة ، وإذا كانت مطلقة تبقى ذمّته مشغولة.
ويرد عليهم ما عرفته غير مرّة من أنه لا موجب للانفساخ في أمثال المقام ، لأنّ مجرد عدم الإتيان بالعمل المستأجر عليه اختياراً وعدم تسليمه غير موجب للانفساخ. نعم ، إذا كان عاجزاً عن الإتيان به ينكشف بطلان الإجارة ، فمن استأجر شخصاً للصلاة مثلاً ولم يأت بها الأجير اختياراً أو أفسدها لا تبطل الإجارة ، وإنما يملك المستأجر العمل في ذمّة الأجير فإن سلّمه فهو وإلّا يثبت الخيار للمستأجر ، فإن فسخ يرجع إلى الأجر المسمى وإن لم يفسخ يرجع إلى قيمة العمل الثابت في ذمّة الأجير لأنه فوّته على المستأجر ، وأمّا الأُجرة المسماة فيستحقها الأجير حسب العقد وقد تختلفان كثرة وقلّة ، فعلى كلا التقديرين فسخ أو لم يفسخ لا يستحق الأُجرة على العمل الفاسد ولكن الإجارة لا تفسد.
وبعبارة اخرى : إن فسخ المستأجر يرجع إلى الأجير في الأجر المسمى ويطالبه منه ، وإن لم يفسخ فللمستأجر مطالبة الأجير بأُجرة مثل العمل الفائت عليه ، وقد تكون أكثر من المسمّى وقد تكون مساوية له وقد تكون أقل ، فالأجير لا يحصل شيئاً من الأجر المسمّى إلّا في صورة واحدة وهي ما إذا كانت قيمة العمل أقل من الأجر المسمّى.