تعبّداً لكونه عوضاً شرعياً (*) تعبّدياً عما وقع عليه العقد ، فلا وجه لعدم استحقاق الأُجرة على الثاني. وقد يقال بعدم كفاية الحج الثاني أيضاً في تفريغ ذمّة المنوب عنه بل لا بدّ للمستأجر أن يستأجر مرّة أُخرى في صورة التعيين وللأجير أن يحجّ ثالثاً في صورة الإطلاق ، لأنّ الحج الأوّل فاسد والثاني إنّما وجب للإفساد عقوبة فيجب ثالث إذ التداخل خلاف الأصل ، وفيه : أن هذا إنما يتم إذا لم يكن الحج في القابل بالعنوان الأوّل ، والظاهر من الأخبار (**) على القول بعدم صحّة الأوّل وجوب إعادة الأوّل وبذلك العنوان فيكفي في التفريغ ولا يكون من باب التداخل فليس الإفساد عنواناً مستقلا ، نعم إنما يلزم ذلك إذا قلنا إن الإفساد موجب لحج مستقل لا على نحو الأوّل وهو خلاف ظاهر الأخبار ، وقد يقال في صورة التعيين إنّ الحج الأوّل إذا كان فاسداً وانفسخت الإجارة يكون لنفسه فقضاؤه في العام القابل أيضاً يكون لنفسه ولا يكون مبرئاً لذمّة المنوب عنه فيجب على المستأجر استئجار حج آخر ، وفيه أيضاً ما عرفت (***) من أن الثاني واجب بعنوان إعادة الأوّل ، وكون الأوّل بعد انفساخ الإجارة بالنسبة إليه لنفسه لا يقتضي كون الثاني له وإن كان بدلاً عنه ، لأنّه بدل عنه بالعنوان المنوي لا بما صار إليه بعد الفسخ ، هذا. والظاهر عدم الفرق في الأحكام المذكورة بين كون الحج الأوّل المستأجر عليه واجباً أو مندوباً ، بل الظاهر جريان حكم وجوب الإتمام والإعادة في النيابة تبرّعاً أيضاً وإن كان لا يستحق الأُجرة أصلاً.
______________________________________________________
الجهة الثانية : بعد البناء على فساد الحج الأوّل لو أتى بالحج من قابل فهل يستحق اجرة على العمل الثاني أم لا؟ ذكر جماعة أنه لا يستحق الأُجرة عليه وإن أتى به عن المنوب عنه وفرغت ذمّته ، وذلك لعدم إتيان العمل المستأجر عليه في السنة
__________________
(*) الأمر بالحج من قابل لا يستلزم كونه عوضاً شرعياً وإبقاء للإجارة تعبداً عما وقع عليه العقد.
(**) لا ظهور للأخبار في ذلك.
(***) قد مرّ ما فيه [في التعليقة المتقدّمة].