.................................................................................................
______________________________________________________
الرجل أحق بماله ما دام فيه الروح ، إذا أوصى به كلّه فهو جائز» فقد أجاب عنه في المتن بإعراض الأصحاب عنه ، ولكن لا حاجة إلى التمسك بالاعراض ، فإن الخبر موهون بمعارضته بغيره من الروايات ممّا هو أصح سنداً وأكثر عدداً وأشهر. على أن الخبر في نفسه ضعيف ولا يمكن الاعتماد عليه وإن لم يكن له معارض ، فإن الشيخ رواه في التهذيب عن أبي الحسن عمر بن شدّاد الأزدي والسري جميعاً عن عمّار بن موسى (١) ، وفي الاستبصار (٢) عن أبي الحسن عمرو بن شداد الأزدي ، وفي بعض الأسناد أبو الحسين ، وذكر في السند أيضاً عن أبي الحسن الساباطي عن عمّار بن موسى (٣) ، وكيف كان ، لم يوثق الرجل ، وأمّا السري فهو ملعون كذاب ، وقد حمل المصنف تبعاً لصاحب الوسائل المال المذكور في الخبر على خصوص الثّلث الذي أمره بيده ، وهو بعيد جدّاً ، كما أن الشيخ حمل الخبر على ما إذا لم يكن للميت وارث أصلاً لا من قريب ولا بعيد ، فيجوز له حينئذ أن يوصي بماله كيف ما شاء ، وهذا بعيد أيضاً. على أن وجود شخص لا وارث له أصلاً نادر جدّاً ، والعمدة أن الرواية ضعيفة سنداً لا يمكن الاعتماد عليها.
وقد يتوهّم أنه مع الشك يبنى على أن وصيته في الواجب لا في المندوب فيخرج من الأصل حملاً للوصية على الصحّة ، وإلّا لو كانت في المندوب لكانت باطلة ، فليس فيها مخالفة لما دل على عدم نفوذ الوصية فيما زاد عن الثّلث ، وليس ذلك من التمسّك بالعموم في الشبهة المصداقية. وبعبارة اخرى : يظهر الأثر في الزائد عن الثّلث ، لأنّ الوصية لو كانت بالواجب تصح بالنسبة إلى الزائد ، ولو كانت بالمندوب تبطل بالإضافة إليه ، فتحمل الوصية على الواجب حملاً لفعله على الصحّة.
ويندفع بأن خروج الحج الواجب من الأصل ليس لأجل الوصية ، فإنها صحّت أو لم تصح يخرج الحج الواجب من الأصل ، فهو أجنبي عن الوصية ، وإنما تؤثر في
__________________
(١) التهذيب ٩ : ١٨٧ / ٧٥٣.
(٢) الاستبصار ٤ : ١٢١ / ٤٥٩.
(٣) التهذيب ٩ : ١٨٦ / ٧٤٨.