يظهر من سيّد الرياض (قدس سره) خروجه من الأصل حيث إنه وجّه كلام الصّدوق (قدس سره) الظاهر في كون جميع الوصايا من الأصل ـ : بأنّ مراده ما إذا لم يعلم كون الموصى به واجباً أو لا ، فإنّ مقتضى عمومات وجوب العمل بالوصية خروجها من الأصل خرج عنها صورة العلم بكونها ندبياً ، وحمل الخبر الدال بظاهره على ما عن الصدوق أيضاً على ذلك ، لكنه مشكل فإن العمومات مخصصة بما دلّ على أن الوصية بأزيد من الثّلث ترد إليه إلّا مع إجازة الورثة. هذا ، مع أن الشبهة مصداقية والتمسك بالعمومات فيها محل إشكال ، وأمّا الخبر المشار إليه وهو قوله (عليه السلام) : «الرجل أحق بماله ما دام فيه الروح إن أوصى به كله فهو جائز» ، فهو موهون (*) بإعراض العلماء عن العمل بظاهره ، ويمكن أن يكون المراد بماله هو الثّلث الذي أمره بيده. نعم ، يمكن أن يقال في مثل هذه الأزمنة بالنسبة إلى هذه الأمكنة البعيدة عن مكّة : الظاهر من قول الموصي : حجّوا عنِّي ، هو حجة الإسلام الواجبة ، لعدم تعارف الحج (**) المستحبي في هذه الأزمنة والأمكنة فيحمل على أنه واجب من جهة هذا الظهور والانصراف ، كما أنه إذا قال : أدّوا كذا مقداراً خمساً أو زكاة ، ينصرف إلى الواجب عليه. فتحصل : أن في صورة الشك في كون الموصى به واجباً حتى يخرج من أصل التركة أو لا حتى يكون من الثّلث ، مقتضى الأصل الخروج من الثّلث ، لأنّ الخروج من الأصل
______________________________________________________
بالواجب عليه ، كما أن إخباره بعدم ثبوت حج الإسلام عليه يسمع منه.
وفيه : أن مجرّد الانصراف إلى الواجب غير مفيد ، لإمكان أن يكون الإيصاء من باب الاحتياط وكون الواجب واجباً احتياطياً لا واجباً أصلياً ، والذي يخرج من الأصل هو الواجب الأصلي لا الاحتياطي ، وكذا في الوصية بالخمس والزكاة
__________________
(*) الخبر في نفسه ضعيف فلا حاجة في سقوط حجيته إلى التمسك بالإعراض.
(**) نعم ولكن يمكن أن يكون الإيصال من باب الاحتياط وكذا في الوصية بالخمس ونحوه.